فلحق برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال بريدة: وجاء علي- رضي الله عنه- حتى أناخ قريبا، وهو رمد، قد عصب عينيه بشقّ برد قطري، قال بريدة: فما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- صلّى الغداة، ثمّ دعا باللّواء، وقام قائما. قال ابن شهاب: فوعظ الناس، ثم قال:«أين على» ؟ قالوا: يشتكي عينيه، قال:«فأرسلوا إليه» قال سلمة: فجئت به أقوده، قالوا كلهم: فأتى به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «مالك؟» قال: رمدت حتى لا أبصر ما قدّامي. قال:«ادن مني» وفي حديث علي عند الحاكم: فوضع رأسي عند حجره، ثم بزق في ألية يده فدلك بها عيني، قالوا: فبرأ كأن لم يكن به وجع قط، فما وجعهما علي حتى مضى لسبيله، ودعا له وأعطاه الراية، قال سهل فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال:«انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم. ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى- وحق رسوله. فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النّعم» وقال أبو هريرة: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لعلي:«اذهب فقاتلهم حتى يفتح الله عليك ولا تلتفت» قال: علام أقاتل الناس؟ قال:«قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» فخرجوا، فخرج بها والله يؤج يهرول هرولة. حتى ركزها تحت الحصن فاطّلع يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي، فقال اليهودي غلبتهم والذي أنزل التوراة على موسى، فما رجع حتى فتح الله تعالى على يديه.
قال أبو نعيم: فيه دلالة على أن فتح علي لحصنهم مقدم في كتبهم بتوجيه من الله وجهه إليهم، ويكون فتح الله- تعالى- على يديه.
ذكر قتل علي- رضي الله عنه- الحارث وأخاه مرحبا، وعامرا وياسرا فرسان يهود وسبعانها
روى محمد بن عمر عن جابر- رضي الله عنه- قال: أول من خرج من حصون خيبر- مبارزا- الحارث أخو مرحب في عاديته فقتله علي- رضي الله عنه- ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن، وبرز عامر، وكان رجلا جسيما طويلا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- حين برز وطلع عامر «أترونه خمسة أذرع؟» وهو يدعو إلى البراز، فخرج إليه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فضربه ضربات، كل ذلك لا يصنع شيئاً، حتى ضرب ساقيه فبرك، ثم ذفّف عليه، وأخذ سلاحه.