[وتسمى أيضا غزوة هوازن، لأنهم الّذين أتوا لقتال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال محمد بن عمر الأسلمي: حدثني ابن أبي الزناد عن أبيه: أقامت هوازن سنة تجمع الجموع وتسير رؤساؤهم في العرب تجمعهم-] انتهى.
قال أئمة المغازي: لما فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكة مشت أشراف هوازن، وثقيف بعضها إلى بعض، وأشفقوا أن يغزوهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقالوا: قد فرغ لنا فلا ناهية له دوننا، والرأي أن نغزوه، فحشدوا وبغوا وقالوا: والله إن محمدا لاقى قوما لا يحسنون القتال فأجمعوا أمركم، فسيروا في النّاس وسيروا إليه قبل أن يسير إليكم، فأجمعت هوازن أمرها، وجمعها مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة النّصريّ بالصاد المهملة- وأسلم بعد ذلك، وهو- يوم حنين- ابن ثلاثين سنة، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ونصر وجشم كلها، وسعد بن بكر، وناس من بني هلال، وهم قليل. قال محمد بن عمر: لا يبلغون مائة، ولم يشهدها من قيس عيلان- أي بالعين المهملة- إلا هؤلاء، ولم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب، مشى فيها ابن أبي براء فنهاها عن الحضور وقال: والله لو ناوأوا محمّدا من بين المشرق والمغرب لظهر عليهم.
وكان في جشم دريد بن الصّمّة وهو يومئذ ابن ستين ومائة. ويقال عشرين ومائة سنة، وهو شيخ كبير قد عمي، ليس فيه شيء إلّا التّيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخا مجرّبا قد ذكر بالشّجاعة والفروسيّة وله عشرون سنة، فلمّا عزمت هوازن على حرب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سألت دريدا الرياسة عليها فقال: وما ذاك وقد عمي بصري وما استمسك على ظهر الفرس، ولكن أحضر معكم لأن أشير عليكم برأيي على أن لا أخالف، فإن كنتم تظنون أني أخالف أقمت ولم أخرج قالوا: لا نخالفك، وجاءه مالك بن عوف، وكان جماع أمر الناس إليه، فقالوا له: لا نخالفك في أمر تراه.
فقال له دريد: يا مالك إنك تقاتل رجلا كريما، قد أوطأ العرب، وخافته العجم ومن بالشام، وأجلى يهود الحجاز، إمّا قتلا وإما خروجا على ذلّ وصغار، ويومك هذا الّذي تلقى فيه محمدا له ما بعده.
قال مالك: إني لأطمع أن ترى غدا ما يسرك.
قال دريد: منزلي حيث ترى، فإذا جمعت النّاس صرت إليك، فلما خرج من عنده طوى عنه أن يسير بالظعن والأموال مع الناس.