وقال:«فكان عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه يقول: «ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة» . فأتى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به: بئست اللات والعزّى. فقالوا: مه يا ضمام! اتّق البرص، اتّق الجذام، اتّق الجنون. فقال:«ويلكم» ! إنهما واللَّه لا يضرّان ولا ينفعان، إن اللَّه قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا فأستنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد ألا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه» . قال:
«فو اللَّه ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل أو امرأة إلا مسلما» . زاد ابن سعد:«وبنوا المساجد وأذّنوا بالصلوات» . قال ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة.
[تنبيهات]
الأول: قال في البداية: وفي سياق حديث ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه ما يدل على أنه رجع إلى قومه قبل الفتح لأن العزّى هدمها خالد بن الوليد رضي اللَّه تعالى عنه أيام الفتح.
الثاني: قال أبو الربيع: اختلف في الوقت الذي وفد فيه ضمام هذا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقيل سنة خمس ذكره الواقدي وغيره، وقيل سنة تسع، واللَّه أعلم أي ذلك كان.
الثالث: قوله: «أن يحجّ هذا البيت من استطاع إليه سبيلا» ، قال في الهدي: ذكر الحج في هذه القصة يدل على أن قدوم ضمام كان بعد فرض الحجّ، وهذا بعيد، والظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من كلام بعض الرواة.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:.
ضمام: بضاد معجمة مكسورة فميمين بينهما ألف، وهو الذي قال فيه طلحة بن عبيد اللَّه: جاءنا أعرابي من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دويّ صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام» . الحديث رواه مالك في الموطأ عن عمّه عن جده عن طلحة الجلد: بجيم مفتوحة فلام ساكنة فدال مهملة: صلب حديد.