له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا قسم قسمه لك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فخذه، فجاء به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذا؟ قال:«قسم قسمته لك» قال: ما على هذا أتبعك، ولكن اتبعتك على أن أرمى ههنا، وأشار إلى حلقه- بسهم- فأموت، فأدخل الجنة. فقال:«إن تصدق الله يصدقك» ثم نهضوا إلى قتال العدو، فأتى به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحمل وقد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «هو هو» قالوا: نعم. قال:«صدق الله فصدقه» فكفّنه النبي- صلى الله عليه وسلم- في جبّته، ثم قدمه. فصلّى عليه، وكان مما ظهر من صلاته:
«اللهمّ هذا عبدك وابن عبدك خرج مهاجرا في سبيلك، قتل شهيدا، أنا عليه شهيد» .
وقتل من يهود ثلاثة وتسعون رجلا.
ذكر انصراف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن خيبر وتوجهه إلى وادي القرى
قال أبو هريرة: نزلناها أصيلا مع مغرب الشّمس، رواه ابن إسحاق.
قال البلاذري: قالوا: أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منصرفه من خيبر وادي القرى فدعا أهلها إلى الإسلام، فامتنعوا من ذلك وقاتلوا، ففتحها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنوة، وغنّمه الله أموال أهلها، وأصاب المسلمون منهم أثاثا ومتاعا، فخمّس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذلك، وتركت الأرض، والنخل في أيدي يهود، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر.
قال محمد بن عمر: لما انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن خيبر، وأتى الصّهباء سلك على برمة، حتى انتهى إلي وادي القرى، يريد من بها من يهود، وكان أبو هريرة- رضي الله عنه- يحدث فيقول، - خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من خيبر إلى وادي القرى، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم عبدا أسود يقال له مدعم- بميم مكسورة فدال ساكنة فعين مفتوحة مهملتين، وكان يرحّل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلمّا نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود، وقد ضوى إليها ناس من العرب، فبينما مدعم يحطّ رحل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقد استقبلتنا يهود بالرّمي حيث نزلنا، ولم نكن على تعبئة، وهي يصيحون في أطامهم،
فيقبل سهم عائر فأصاب مدعما فقتله، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال: رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- كلّا والذي نفسي بيده إنّ الشّملة الّتي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم يصبها المقسم تشتعل عليه نارا» . فلما سمع الناس بذلك جاء رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشراك أو شراكين، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «شراك من نار أو شراكان من نار»