للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواية: فإذا استرقوا السمع أخبروه، فيخبر به الناس، فيجدونه [ (١) ] كما قال.

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب ذمّ البغي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- فجعل يقول الكلمة كما يقول الرجل عند أهله، فقالت إحداهن: كان هذا حديث خرافة. فقال: أتدرين ما خرافة؟ إن رجلا من بني عذرة أصابته الجنّ فكان فيهم حينا، فرجع إلى الإنس، فجعل يحدث بأحاديث تكون في الجن، لا تكون في الإنس. فحدّث إن رجلا من الجنّ كانت له أمّ، فأمرته أن يتزوج، فقال: إني أخشى، أن أدخل عليك من ذلك مشقة، أو بعض ما تكرهين، فلم تدعه حتى زوّجته فتزوج امرأة لها أمّ، فكان يقسم لامرأته ليلة، ولأمه ليلة، ليلة عند هذه، وليلة عند هذه، وكانت ليلة امرأته وأمّه وحدها فسلّم عليها مسلّم، فردت السّلام، فقال: هل من مبيت؟

قالت: نعم، قال: هل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: هل من يحدّث بحديث الليلة، قالت: نعم، أرسل إلى ابني يأتيكم فيحدثكم، قالوا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: إبل وغنم، قال أحدهما لصاحبه: أعط مثمن ما تمنّى، وإن كان خيرا فأصبحت وقد ملئت دارها إبلا وغنما. فرأت ابنها خبيث النفس. قالت: ما شأنك؟ لعل امرأتك أرادت أن تحولها إلى منزلي وتحولني إلى منزلها؟ قال: نعم، قالت: فحوّلها إلى منزلي، وحوّلني إلى منزلها، فتحولت إلى منزل امرأته، وتحولت امرأته إلى منزل أمّه. فلبثا ثم إنهما عادا والفتى عند أمّه، فسلّما فلم تردّ السّلام، فقالا: هل من مبيت؟ قالت: لا، قالا: فعشاء؟ قالت: لا، قالا: فإنسان يحدثنا الليلة؟

قالت: لا. قالا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك، قالت: هذه السّباع، فقال أحدهما لصاحبه: أعط مثمن ما تمنى، إن كان شرا، فامتلأت عليها دارها سباعا، فأصبحت وقد أكلت.

وقال الحافظ: - رجاله ثقات- إلا الراوي له عن ثابت البنانيّ، وهو سحيم بن مرسويه، يروي عن عاصم بن علي، فيحرر حاله. وقال (المفضّل) الضّبيّ في كتاب الأمثال، قال: ذكر إسماعيل الورّاق، عن زياد البكائيّ، عن عبد الرحمن بن القاسم (ابن عبد الرحمن بن القاسم) عن أبيه القاسم بن عبد الرحمن قال: سألت أبي يعني عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن حديث خرافة، قال: بلغني عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-:

حدّثني بحديث خرافة، فقال: رحم الله خرافة أنه كان رجلاً صالحا، وإنه أخبرني أنه خرج ليلة لبعض حاجته، فلقيه ثلاث من الجن فأسروه، فقال واحد: نستعبده، وقال آخر: نقتله، وقال آخر: نعتقه، فمر به رجل منهم.

الخامس: في اعتزاله- صلى الله عليه وسلّم- نساءه- رضي الله تعالى عنهن-.

لما سألنه النفقة مما


[ (١) ] في ب: فيحدثوا به.