الباب الستون في وفود طارق بن عبد الله إليه صلى اللَّه عليه وسلم
روى البيهقي رحمه اللَّه عن طارق بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه قال:«إني لقائم» .
بسوق ذي المجاز إذ أقبل رجل عليه جبّة له وهو يقول: أيها الناس قولوا لا إله إلا اللَّه تفلحوا، ورجل يتبعه برميه بالحجارة يقول: أيها الناس إنه كذّاب فلا تصدّقوه.
فقلت: من هذا؟ فقالوا:
هذا غلام من بني هاشم يزعم أنه رسول اللَّه. قال: فقلت: من ذا الذي يفعل به هذا؟ قالوا: عمّه عبد العزّي. قال: فلما أسلم الناس وهاجروا خرجنا من الرّبذة نريد المدينة نمتار من تمرها.
فلما دنونا من حيطانها ونخلها قلنا لو نزلنا فلبسنا ثيابا غير هذه، فإذا رجل في طمرين له فسلّم وقال: من أين أقبل القوم؟ قلنا من الرّبذة. قال: وأين تريدون؟ قلنا: نريد المدينة. قال: ما حاجتكم فيها؟ قلنا: نمتار من تمرها. قال: معنا ظعينة لنا ومعنا جمل أحمر مخطوم، فقال:
أتبيعوني جملكم هذا؟ قالوا: نعم بكذا وكذا صاعا من تمر. قال: فما استوفينا مما قلنا شيئا حتى أخذ بخطام الجمل وانطلق به، فلما توارى عنا بحيطان المدينة ونخلها قلنا ما صنعنا واللَّه ما بعنا جملنا ممّن نعرف ولا أخذنا له ثمنا.
فقالت المرأة التي معنا: لا تلاوموا فلقد رأيت وجه رجل لا يغدر بكم، واللَّه لقد رأيت رجلا كأن وجهه شقّة القمر ليلة البدر، أنا ضامنة لثمن جملكم، إذا أقبل رجل فقال: أنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إليكم، هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا: فأكلنا حتى شبعنا واكتلنا واستوفينا، ثم دخلنا المدينة، فلما دخلنا المسجد فإذا هو قام على المنبر يخطب الناس فأدركنا من خطبته وهو يقول:«تصدّقوا فإن الصدقة خبر لكم: اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول أمّك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك» فأقبل رجل في نفر من بني يربوع، أو قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول اللَّه إن لنا في هؤلاء دما في الجاهلية فقال: «لا تجني أن على ولد» ثلاث مرات [ (١) ] .
[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:.]
ذو المجاز، والرّبذة، والرظعينة: تقدم الكلام عليها.