للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البدن وينزل في مثله، وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة. وقد مثّلها بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض.

قال شيخنا- يعني أبا العباس الحرّاني: وليس هذا مثالا مطابقا فإن نفس الشمس لا تزول من السماء والشعاع الذي على الأرض لا هو الشمس ولا صفتها بل عرض حصل بسبب الشمس والجزم المقابل لها، والروح نفسها تصعد وتنزل وبسط الكلام على ذلك ولهذا مزيد بيان في باب حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره.

[التنبيه الثاني والخمسون:]

في الكلام على البيت المعمور: قال أبو عبيدة: معنى المعمور الكثير الغاشية ويسمى الضُّراح [ (١) ]- بضم الضاد المعجمة- ويقال المهملة. قال الزمخشري في ربيع الأبرار وهو غلط صراح، وبالضّراح تسمّيه الملائكة، وسمي به لأنه ضرح عن الأرض أي بعد قال مجاهد: «البيت المعمور وهو الضريح» يعني بالمعجمة وهو في اللغة:

البعيد، وأكثر الروايات على أنه في السماء السابعة.

وروى ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة» [ (٢) ] . ورواه الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا أيضا.

وروى إسحاق بن راهويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن البيت المعمور، قال: «بيت الله في السماء السابعة بحيال البيت، وحرمته كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودن إليه» .

وفي حديث أبي هريرة عند ابن مردويه والعقيلي وابن أبي حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وفي السماء السابعة بيت يقال له البيت المعمور وفي السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان، يدخله جبريل كل يوم فينغمس فيه انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة فيخرج عنه سبعون ألف قطرة، يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلّون فيه فيفعلون ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبداً، ويولّى عليه أحدهم ثم يؤمر أن يقف بهم في السماء موقفا يسبّحون الله في إلى أن تقوم الساعة [ (٣) ] » .

وإسناده ضعيف. والصحيح أنه ليس بموضوع كما


[ (١) ] الضرّاح بيت في السّماء حيال الكعبة ويروى: الضريح وهو البيت المعمور، من المضارحة، وهي المقابلة والمضارعة. انظر النهاية لابن الأثير ٣/ ٨١.
[ (٢) ] أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٤١٧ وأحمد في المسند ٣/ ١٥٣ والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٦٨ وذكره السيوطي في الدر ٦/ ١١٧ والمتقي الهندي في الكنز (٣٤٧٩٤) .
[ (٣) ] أخرجه ابن كثير في التفسير ٧/ ٤٠٤ وقال: هذا حديث غريب جدا، تفرد به روح بن جناح هذا، وقد أنكر هذا الحديث عليه جماعة من الحفاظ منهم: الجوزجاني والعقيلي، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري وغيرهم: وقال الحاكم: لا أصل له من حديث أبي هريرة ولا سعيد ولا الزهري.