عبد الله بن عمرو بن عوف المزني يخبره الخبر. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوافيه الموسم، فانصرف عبد الله بن عمرو بن عوف إلى عليّ بذلك فانصرف عليّ راجعا. فلما كان بالفتق تعجّل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر وخلّف على أصحابه والخمس أبا رافع، فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج، وكان في الخمس ثياب من ثياب اليمن أحمال معكومة ونعم وشاء مما غنموا، ونعم من صدقة أموالهم. فسأل أصحاب عليّ أبا رافع إن يكسوهم ثيابا يحرمون فيها فكساهم منها ثوبين ثوبين. فلما كانوا بالسّدرة داخلين خرج عليّ ليتلقّاهم ليقدم بهم، فرأى على أصحابه الثياب
فقال لأبي رافع: ما هذا؟
فقال:«كلّموني ففرقت من شكايتهم وظننت أن هذا ليسهل عليك وقد كان من قبلك يفعل هذا بهم» . فقال:«قد رأيت امتناعي من ذلك ثم أعطيتهم وقد أمرتك أن تحتفظ بما خلّفت فتعطيهم» . فنزع عليّ الحلل منهم.
فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوه، فدعا عليّا، فقال:«ما لأصحابك يشكونك؟» قال: ما أشكيتهم، قسمت عليهم ما غنموا وحسبت الخمس حتى يقدم عليك فترى فيه رأيك. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: واحتفر قوم بئرا باليمن فأصبحوا وقد سقط فيها أسد، فنظروا إليه، فسقط إنسان بالبئر فتعلّق بآخر وتعلّق الآخر بآخر حتى كانوا في البئر أربعة فقتلهم الأسد، فأهوى إليه رجل برمح فقتله. فتحاكموا إلى علي رضي الله تعالى عنه. فقال: ربع دية وثلث دية ونصف دية ودية تامة: للأسفل ربع دية من أجل أنه هلك فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث دية لأنه هلك فوقه اثنان وللثالث نصف دية من أجل أنه هلك فوقه واحد، وللأعلى الدّية كاملة.
فإن رضيتم فهو بينكم قضاء وإن لم ترضوا فلا حقّ لكم حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقضي بينكم. فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصّوا عليه خبرهم، فقال:«أنا أقضي بينكم إن شاء الله تعالى» . فقال بعضهم: يا رسول الله إن عليّا قد قضى بيننا. قال:«فيم قضى؟» فأخبروه، فقال:
«هو كما قضى به» .
[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:]
يعسكر: يجمع عسكره أي جيشه.
قناة: بفتح القاف وتخفيف النون وبعد الألف تاء تأنيث: واد من أودية المدينة.
ثلاثة أكوار: جمع كورة العمامة وهي إدارتها.
امض: بهمزة وصل.
السّاحة: عرصة الدار والمراد هنا المكان.
مذحج: بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة وبالجيم: قبيلة من اليمن.