للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وردت نار الخليل مكتتما ... في صلبه أنت كيف يحترق

حتى احتوى بيتك المهيمن من ... حندق علياء تحتها النّطق

وأنت لما ولدت أشرقت الأر ... ض فضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضّياء وفي ... النسّور وسبل الرشاد نخترق

ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- المدينة بدأ بالمسجد بركعتين، ثم جلس للناس كما في حديث كعب بن مالك.

قال ابن مسعود: ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- المدينة قال: «الحمد لله الذي رزقنا في سفرنا هذا أجرا وحسنة»

[ (١) ] وكان قدومه- صلّى الله عليه وسلم- المدينة في رمضان وكان المنافقون الذين تخلفوا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يخبّرون عنه أخبار السوء، ويقولون: إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا. فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل الله تعالى: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ [التوبة ٥٠] .

[ذكر بيع المسلمين أسلحتهم وقولهم: قد انقطع الجهاد]

قال ابن سعد: وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون: قد انقطع الجهاد فبلغ ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فنهاهم وقال: «لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدّجّال»

[ (٢) ] .

ذكر أمر مسجد الضرار عند رجوع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك

روى ابن إسحاق عن أبي رهم كلثوم بن الحصين الغفاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق آخر. والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس- رضي الله عنه- وابن أبي حاتم وابن مروديه عن طريق آخر عن ابن عباس، وابن المنذر عن سعيد بن جبير ومحمد بن عمر عن يزيد بن رومان- رحمه الله تعالى- أن بني عمرو بن عوف بنوا مسجدا فبعثوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يأتيهم فيصلي فيه، فلما رأى ذلك ناس من بني غنم بن عوف فقالوا: نبني نحن أيضا مسجدا كما بنوا، فقال لهم أبو عامر الفاسق قبل خروجه إلى الشام: ابنوا مسجدكم واستمدوا فيه بما استطعتم من قوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجيش من الروم فأخرج محمّدا وأصحابه، فكانوا يرصدون قدوم أبي عامر الفاسق، وكان خرج من المدينة محاربا لله تعالى ولرسوله- صلى الله عليه وسلّم- فلما فرغوا من مسجدهم أرادوا أن يصلّي فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ليروج لهم ما أرادوه من الفساد والكفر والعناد، فعصم الله تبارك وتعالى


[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٢٦٧، ٢٦٨، وابن كثير في البداية ٥/ ٢٧، ٢٨.
[ (٢) ] أخرجه ابن سعد ٢/ ١ (١٢٠) .