وهي غزوة المريسيع، وسببها أن الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن مالك بن جذيمة بن كعب بن خزاعة سيّد بني المصطلق جمع لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قدر عليه من قومه ومن العرب، فتهيّأوا للمسير إليه، وكانوا ينزلون ناحية الفرع، فبلغ خبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث بريدة- بضم الموحدة- ابن الحصيب- بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين- الأسلميّ يعلم ذلك، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول، فأذن له، فخرج حتى ورد عليهم ماءهم، فوجد قوما مغرورين قد تألّبوا وجمعوا الجموع، فقالوا: من الرّجل؟
قال: رجل منكم قدمت لمّا بلغني عن جمعكم لهذا الرّجل، فأسير في قومي ومن أطاعني، فنكون يدا واحدة حتى نستأصله. قال الحارث بن أبي ضرار: فنحن على ذلك فعجّل علينا، فقال بريدة: أركب الآن فآتيكم بجمع كثيف من قومي، فسرّوا بذلك منه، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبر القوم، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، وأخبرهم خبر عدوّهم، فأسرع الناس الخروج.
[ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع]
استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة زيد بن حارثة، فيما قال محمد بن عمر، وابن سعيد. وقال ابن هشام: أبا ذرّ الغفاريّ، ويقال: نميلة بن عبد الله الليثيّ، وهو بضم النون تصغير نملة.
وقاد المسلمون ثلاثين فرسا، للمهاجرين عشرة، منها فرسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لزاز- بلام فزاي فألف فزاي أخرى- والظّرب- بظاء معجمة مشددة مفتوحة فراء مكسورة فموحدة.
وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قطّ مثلها، ليس بهم رغبة في الجهاد إلا أن يصيبوا من عرض الدنيا، ولقرب السّفر عليهم.
فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك على الخلائق فنزل بها،
فأتي يومئذ برجل من عبد القيس فسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أين أهلك؟ قال: بالرّوحاء، فقال: أين تريد؟ قال: إياك جئت لأؤمن بك، وأشهد أن ما جئت به حق، وأقاتل معك عدوّك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الحمد لله الذي هداك إلى الإسلام، وسأل: أيّ الأعمال أحب إلى الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
الصلاة لأوّل وقتها.
وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عينا للمشركين، فسأله عنهم، فلم يذكر من شأنهم شيئا،