فعرض عليه الإسلام فأبى، فأمر عمر بن الخطاب فضرب عنقه.
وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع، وقد بلغ القوم مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتله عينهم، فتفرّق عن الحارث من كان قد اجتمع عليه من أفناء العرب.
وضرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبّة من أدم.
وكان معه من نسائه عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وتهيّأ الحارث للحرب، فصفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، ويقال: إلى عمار بن ياسر، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب فنادى في الناس: قولوا: لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم، ففعل عمر ذلك، فأبوا، فتراموا بالنّبل ساعة، فكان أول من رمى رجل منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنّبل، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحملوا، فحملوا حملة رجل واحد، فما أفلت من المشركين إنسان، وقتل عشرة منهم، وأسر سائرهم، وسبا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرّجال والنّساء والذّرّيّة والنّعم والشاء.
وفي الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلم هجم عليهم وهم غارّون وما قتل من المسلمين إلا رجل واحد يقال له: هشام بن صبابة- بصاد مهملة مضمومة فموحدة مخففة فألف فموحدة أخرى- أصابه رجل من الأنصار يقال له: أوس من رهط عبادة بن الصامت، يرى أنه من المشركين فقتله خطأ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج ديته، فقبضها أخوه مقيس بن صبابة، وعدا على قاتل أخيه فقتله، فارتدّ ولحق بقريش فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، فقتل يوم الفتح.
قال أبو قتادة: حمل لواء المشركين يومئذ صفوان ذو الشّقرة، فلم تكن لي ناهية حتى شددت عليه، وكان الفتح.
وكان شعار المسلمين يومئذ:«يا منصور أمت» .
وروى محمد بن عمر عن جويرية رضي الله عنها قالت: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به، قالت: فكنت أرى من الناس والسّلاح والخيل ما لا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعلمت أنه رعب من الله تعالى يلقيه في قلوب المشركين.
وكان رجل منهم قد أسلم وحسن إسلامه يقول: كنّا نرى رجالا بيضا على خيل بلق ما كنا نراهم قبل ولا بعد.