للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الطبراني وأبو داود بسند جيد واللفظ له عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وفي رواية «حجّة الوداع» ، ونحن معه، فاعتلّ بعير لصفية وكان مع زينب فضل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعير صفيّة قد اعتلّ فلو أعطيتها بعيرا لك! قالت: أنا أعطي هذه اليهودية؟! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرها بقيّة ذي الحجّة ومحرّم وصفر وأيّاما من ربيع الأول حتى رفعت متاعها وسريرها فظنت إنه لا حاجة له فيها فبينما هي ذات يوم قاعدة نصف النهار، إذ رأت ظلّه قد أقبل فأعادت سريرها ومتاعها [ (١) ] .

وروى الإمام أحمد بسند لا بأس به عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه قال شعبة أحسبه قال شهرا فأتاه عمر بن الخطاب وهو في غرفة وهو على حصير قد أثّر الحصير بظهره، فقال: يا رسول الله كسرى يشربون في الذّهب والفضّة وأنت هكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا، ثم قال رسول الله الشهر هكذا وهكذا وهكذا وكسر في الثالثة الإبهام [ (٢) ] .

وروى الحاكم والبيهقي والحارث واللفظ له عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبرأ صفية بحفصة، قيل له: من أمّهات المؤمنين أم من غير أمهات المؤمنين؟ قال:

من أمّهات المؤمنين.

[تنبيهات]

الأول: سبب نزول قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا [الأحزاب/ ٢٨] :

أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألنه في عرض الدّنيا ومتاعها أشياء وطلبن منه زيادة في النفقة وأذينه بغيرة بعضهن بعضا فهجرهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلى أي حلف لا يقربهنّ شهرا ولم يخرج إلى أصحابه، فقالوا: ما شأنه وكانوا يقولون طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: لأعلمنّ لكم شأنه، فاستأذن عليه صلى الله عليه وسلم كما تقدم.

الثاني:

قال في (زاد المعاد) : وطلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع، وآلى إيلاء مؤقّتا بشهر ولم يظاهر أبدا، وأخطأ من قال: إنه ظاهر خطأ عظيما، وإنما ذكر هنا تنبيها على ذكر خطائه ونسبته إليه ما أمره الله تعالى منه.


[ (١) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٤/ ٣٢٦ وقال رواه أبو داود مختصرا، والطبراني في الأوسط.
[ (٢) ] أخرجه أحمد ٢/ ٢٩٨ وانظر المجمع ٦/ ٧، ١٠/ ٣٢٧.