والضرب الثاني: ما كانت العادة فيه أكثرية، فهذا الذي يستشار فيه، فإن من حاول تلك الأمور أكثر كان عليه بها أكثر ورأيه فيها صواب، ألا ترى أن من حاول التجارة علم وقت رخصها وغلائها وما يصلح منها للنشر وما لا يصلح فهذا يستشار فيها، لأن علمه بها أكثر.
الثاني: في أنه صلى الله عليه وسلم كان كثير الصمت، كثير الذكر، قليل اللّغو.
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة والبيهقي عن هند بن أبي هالة- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الذكر، ليست له راحة لا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت.
وروى مسلم والبيهقي عن سماك بن حرب- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصّمت، قليل الضّحك انتهى.
وروى الإمام أحمد والشيخان عن جابر بن سمرة- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصّمت، قليل الضّحك.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله تعالى عنه- قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذّكر، ويقلّل اللّغو، ويطيل الصّلاة، ويقصّر الخطبة ولا يأنف، ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين.
الثالث: في عدم مواجهته أحدا بما يكره وأدابه مع خدمه وما كان يقوله، ويفعله إذا اهتم، وما يطرأ عليه من السرور عند فرحه، وأنه كان يلمح الأشياء بمؤخر عينه، ولا يلتفت ولا يصرف وجهه عن أحد إذا استقبله، وصافحه، وأنّه لا يبثّ بصره في وجه أحد، ومصافحته، وما كان يقوله إذا أراد دخول قرية وغير ذلك غير ما سبق.
روى النسائي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما يواجه أحدا بشيء يكرهه، ودخل عليه رجل يوما، وعليه أثر خلوف، فلما خرج الرجل قال: لو أمرتم هذا بغسله.
وروى ابن عدي عن محمد بن سلمة- رضي الله تعالى عنه- قال: قدمت من سفر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فما ترك يدي حتى تركت يده.
وروى أبو داود عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: ما رأيت أحدا التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتّى يكون الرجل، هو الذي ينحي رأسه، وما رأيت رجلا أخذ بيده فترك يده حتى يكون الرّجل هو الذي يدع يده.
وروى عنه أيضاً قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صافح الرّجل لم ينزع يده حتى يكون