الباب التاسع في بعث عمير بن عدي الخطمي رضي اللَّه تعالى عنه لخمس ليال بقين من رمضان من السنة الثانية إلى عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد، زوجة يزيد بن زيد بن حصن الخطمي، وكانت تعيب الإسلام وتؤذي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتحرض عليه وتعيب الإسلام وتقول الشعر
وكانت تطرح المحايض في مسجد بني خطمة. فأهدر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دمها فنذر عمير بن عدي لئن رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من بدر إلى المدينة ليقتلنّها فلما رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من بدر، جاء عمير ليلا حتى دخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام، منهم من ترضعه في صدرها، فجسّها بيده وكان ضرير البصر، فنحّى الصّبيّ عنها، ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها.
وروى ابن عساكر في ترجمة أحمد بن أحمد البلخي، من تاريخه عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال:«ألا رجل يكفنا هذه» . فقال رجل من قومها: أنا، فأتاها وكانت تمّارة. فقال لها: أعندك أجود من هذا التّمر؟ قالت: نعم، «فدخلت إلى بيت لها، وانكبّت لتأخذ شيئا فالتفتّ يمينا وشمالا فلم أر أحدا فضربت رأسها حتى قتلتها» . انتهى.
ثم أتى المسجد فصلّى الصبح مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما انصرف نظر إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال:«أقتلت ابنة مروان؟» قال: نعم فهل عليّ في ذلك شيء؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:«لا ينتطح فيها عنزان» فكانت هذه الكلمة أول ما سمعت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأصحابه:«إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر اللَّه عز وجل ورسوله فانظروا إلى عمير بن عدي» . فقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه:«انظروا إلى هذا الأعمى الذي يسري في طاعة اللَّه تعالى» . فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:«لا تقل الأعمى ولكن البصير» .
فسمّى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عميرا البصير. فلما رجع عمير وجد بنيها في جماعة يدفنونها. فقالوا: يا عمير أنت قتلتها؟ قال:«نعم، فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فو الذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم» . فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة وكان يستخفي بإسلامه فيهم من أسلم فكان أول من أسلم من بني خطمة عمير بن عدي، وهو الذي يدعى القارئ.