[جماع أبواب بعض ما يجب على الأنام من حقوقه عليه الصلاة والسلام]
الباب الأول في فرض الإيمان به- صلى الله عليه وسلم-
قال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النساء ١٣٦] وقال عز من قائل: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الفتح ٩] وقال عز وجل فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ [الأعراف ١٥٨] وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً [الفتح ١٣] .
وروى الشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:«أمرت أن أقاتل النّاس، حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها، وحسابهم على الله»
وروى الشيخان عن عبد الله بن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«أمرت أن أقاتل النّاس، حتّى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله» .
وروى الشيخان عن عمر بن الخطاب أن جبريل سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: أخبرني عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثمّ سأله عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله.
فالإيمان به- صلى الله عليه وسلّم- واجب،
قال القاضي: هو تصديق نبوّته ورسالة الله تعالى له، وتصديقه في جميع ما جاء به، وما قاله، ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللّسان بأنّه رسول الله، فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بذلك، ثم الإيمان به والتصديق له، فقد قرّر أنّ الإيمان به يحتاج إلى العقد بالجنان أي: جزم القلب، والإسلام به مضطرّ إلى النطق باللسان وهذه الحالة المحمودة، التّامّة، [وأما الحال المذمومة] فالشّهادة باللسان دون التصديق بالقلب، وهذا هو النّفاق فلما لم يصدّق القلب اللّسان خرجوا عن الإيمان ولم يكن لهم حكمه في الآخرة، وألحقوا بالكفّار في الدّرك الأسفل من النّار، وبقي عليهم حكم الإسلام بإظهار شهادة اللسان في أحكام الدنيا المتعلقة بالأئمة وحكام المسلمين الذين أحكامهم جارية على الظّواهر بما أظهروه من علامة الإسلام، إذا لم يجعل الله لبشر سبيلا إلى السّرائر، ولا أمروا بالبحث عنها،
بل نهى النبي- صلى الله عليه وسلم- عن التحكم عليها فقال لأسامة بن زيد لما قتل من