[الباب السادس في شهادة الذئب له صلى الله عليه وسلم بالرسالة]
روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححاه عن أبي سعيد والبيهقي عن ابن عمر، وأبو نعيم عن أنس وابن مسعود، والإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنهم بينما أعرابيّ ببعض نواحي المدينة في غنم له إذ عدا ذئب على شاة، فأخذها، فطلبها الراعي، فاستنقذها منه فصعد الذّئب على تلّ فاقع واستقرّ، وقال: ألا تتقي الله عز وجل، تنزع مني رزقا ساقه الله عز وجل إليّ؟ فقال: يا عجبا لذئب يقع على ذنبه يكلّمني بكلام الإنس! فقال الذئب: أتعجب منّي؟ فقال الرجل: كيف لا أعجب من ذئب مستذفر ذنبه يتكلّم! فقال الذئب: والله إنك تصادف أعجب من هذا، وفي لفظ: إنا أخبرك بأعجب من كلامي، قال: وماذا أعجب من هذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّخلات بين الحرّتين يحدث الناس عن نبأ ما سبق وما يكون بعد ذلك، وفي لفظ: يدعو الناس إلى الهدى، وإلى دين الحق وهم يكذّبونه، فأقبل الراعي يسوق حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زوايا المدينة، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وفي حديث أبي هريرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا صلّيت الصّبح معنا غدا فأخبر الناس بما رأيت» ، فلما أصبح الرجل وصلّى الصّبح فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للأعرابي:«أخبرهم» ، فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صدق، والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى يخرج من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله من بعده» .
روى ابن عساكر عن محمد بن جعفر بن خالد الدّمشقيّ، قال رافع بن عمير الطائيّ فيما يزعمون: كلّمه الذئب وهو في ضأن له يرعاها، فدعاه الذئب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره باللّحوق بالنبي صلى الله عليه وسلم وله شعر قاله في ذلك يرحمه الله تعالى آمين:
دعيت الضّأن أجمعها بكلبي ... من اللّصّ الخفيّ وكلّ ذيب
فلمّا أن سمعت الذّئب نادى ... يبشّرني بأحمد من قريب
سعيت إليه قد شمّرت ثوبي ... على السّاقين في الوفد الرّكيب
فألفيت النّبيّ يقول قولا ... صدوقا ليس بالقول الكذوب