لعمرك ما الأعمار إلّا قصيرة ... ولكنّ آمال الرّجال طوال
أتته مفاتيح الكنوز فردّها ... وعافت يمين مسّها وشمال
وكان يفيض المال بين عفاته ... كما فضّت التّرب المهال شمال
فما كان للمال الشّديد بمائل ... وكم غرّ أرباب العقول فمالوا
به فرّج الله المضايق كلّها ... وبان حرام للورى وحلال
فأنصف مظلوما وأمّن خائفا ... وأغنم محتاجا ونعم مآل
بشير نذير صادق القول صادع ... لكلّ كلام جاء عنه كمال
بليغ يصوغ القول كيف يريده ... لكلّ مقام ينتحيه مقال
جميل جليل مانح غير مانع ... عليه وقار ظاهر وجلال
إذا أبصرته العين هابت فلم تكن ... لتملأ منه العين حين تجال
شفيع رفيع ناصر ناصح لنا ... رحيم رحيب العفو حين ينال
حبيب إلى ربّ الأنام محبّب ... إلى الخلق إلّا من لديه ضلال
لقد شهدت حتّى الوحوش ببعثه ... وصدّق ذيب قوله وغزال
وكان مصونا بالغمام مظلّلا ... إذا النّاس مالوا للظّلال وقالوا
وروى مسلم والأربعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والبزّار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وابن حبان عن ابن عباس وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، والطبراني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم، فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قالا: الجوع يا رسول الله، قال: «والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما، فقوما» ، فقاما معه، فأتى منزل أبي أيوب الأنصاري، وقال ابن عمر منزل أبي الهيثم بن التّيهان، فلما انتهوا إلى داره قالت امرأته: مرحبا بنبي الله، وبمن معه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أين أبو أيوب؟» فقالت امرأته: يا نبي الله يأتيك الساعة، انطلق يستعذب الماء، فجاء أبو أيوب رضي الله تعالى عنه، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فقطع عذقا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أردت تقطع لنا هذا إلا اجتنيت لنا من تمره» ، قال: أحببت يا رسول الله أن تأكلوا من تمره، وبسره، ورطبه، ثم أخذ المدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إياك والحلوب» ، فذبح لهم، فشوى نصفه، وطبخ نصفه، فلما وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ من الجدي، فجعله في رغيف، وقال: «يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة لأنها لم تصب مثل هذا منذ أيام» ، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة، فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه، قال الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ