للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: استشكل بعضهم لفظ «عند البيت» بأنه صلى الله عليه وسلم كان يستقبل بيت المقدس قبل الهجرة. قلت: ولا إشكال في ذلك لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلّم جعل البيت بينه وبين بيت المقدس، وكذلك رواية: «عند الباب» لا إشكال فيها، إذ لا يلزم في كون الصلاة عند الباب أن تكون الصلاة إليه.

الخامس: قال ابن المنير: «لما أمر الله سبحانه وتعالى جبريل أن يعلّم النبي صلى الله عليه وسلّم الصلاة، كانت هذه فرضا عليه لأنه أمر بذلك، فكانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة مفترض خلف مفترض» .

السادس: قال الحربي: «أول ما فرضت الصلاة عليه: ركعتين أول النهار وركعتين آخره بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتين ركعتين ثم زاد فيها في الحضر» . قال أبو عمر: «ليس في حديث عائشة دليل على صحة ما ذهب إليه الحربي، ولا يوجد هذا في أثر صحيح، بل فيه دليل على أن الصلاة التي فرضت ركعتين ركعتين هي الصلوات الخمس لأن الإشارة بالألف واللام في «الصلاة» إشارة إلى المعهود» .

قال الحافظ: «الذي يظهر وبه تجمع الأدلّة أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت عقب الهجرة إلا الصبح كما روى ابن خزيمة وابن حبّان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن، زيد في صلاة الحضر ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر» . انتهى.

ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفّف منها في السفر عند نزول الآية وهي قوله تعالى:

وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً [النساء: ١٠١] قال ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح مسند الشافعي: إن قصر الصلاة كان في ربيع الأول من السنة الثانية، وهو مأخوذ مما ذكره غيره أن نزول آية الخوف كان فيها. وقيل قصر الصلاة كان في ربيع الأول من السنة الأولى ذكره الدولابي وأورده السّهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو بنحوه، وقيل بعد الهجرة بأربعين يوما. فعلى هذا فالمراد بقول عائشة: فأقرت صلاة السفر باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف لأنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة.

السابع: قال السهيلي: هل هذه الزيادة في الصلاة نسخ أم لا؟ فيقال: أما زيادة ركعتين أو ركعة إلى ما قبلها من الركوع حتى تكون صلاة واحدة فنسخ، لأن النسخ رفع الحكم، وقد