كلاما تسمعه الملائكة تشريفا للمصلّي وتكريما كما جاء «وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .
الثاني: قال القاضي أبو بكر بن العربيّ قد قال الله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الأنعام ١٦٠] ومعلوم أن الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- حسنة فللمصلي عليه عشر أمثالها، فما فائدته.
أجيب بأن فيه أعظم فائدة، وذلك أن القرآن اقتضى أنّ من جاء بالحسنة تضاعف له عشرا، والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- حسنة فاقتضى القرآن أن يعطى عشر درجات في الجنّة واقتضى الحديث الإخبار أنه تعالى يصلي على من صلّى على نبيه- صلى الله عليه وسلم- عشرا وذكر الله العبد أعظم مضاعفة.
وتحقيق ذلك أن الله تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره، كذلك جعل جزاء ذكر نبيه- صلى الله عليه وسلم- ذكره لمن ذكر انتهى.
أي بأن قائل صلاة العبد عليه يصلّي عليه سبحانه عشرا وكذلك إذا سلّم يسلّم عليه عشرا فله الحمد والفضل.
قال الفاكهانيّ: وهذه نكتة حسنة أجاد فيها وأفاد انتهى.
قال العراقي: بل لم يقتصر سبحانه وتعالى في الصّلاة على نبيّه بأن يصلي عليه بالواحدة عشرا بل زاده على ذلك رفع عشر درجات، وحطّ عنه عشر سيئات كما تقدم في حديث أنس.
الثالث: قوله: «فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر» فيه التخيير بعد الإعلام بما فيه من الخيرة في المخير فيه، فهو تحذير من التّفريط في تحصيله فهو قريب من معنى التّهديد.
الرابع: قوله: «أما يرضيك» قال (شارح) المشكاة هذا بعض ما أعطى في الرّضا في قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى] وهذه البشارة في الحقيقة راجعة إلى الأمة ومن ثمّ ظهر تمكّن البشرى في أسارير وجهه- صلى الله عليه وسلم- تمكنا عامّا حيث جعل وجهه الشريف ظرفا ومكانا للبشر والطّلاقة، وهذا رمز إلى نوع من الشّفاعة فإذا كانت الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- توجب هذه الكرامة من الله سبحانه وتعالى فما ظنّك بقيامه وتشميره للشّفاعة الكبرى، رزقنا الله ذلك أجمعين.
الخامس: قوله- صلى الله عليه وسلم-: «أن أولى النّاس بي» أي أقربهم منّي منزلة.
قال ابن حبان: في هذا الخبر بيان صحيح على إن أولى الناس برسول الله- صلى الله عليه وسلم- في