للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي مغازي محمد بن عمر، والغيلانيات: فقال قيس بن سعد بن عبادة [ (١) ] : من يشتري مني تمرا بجزور نحرها هاهنا وأوفيه الثمن بالمدينة؟ فجعل عمر بن الخطاب يقول: وا عجباه لهذا الغلام لا مال له يدين في مال غيره. فوجد قيس رجلا من جهينة فقال قيس: بعني جزورا وأوفيك ثمنه من تمر بالمدينة. قال الجهني: واللَّه ما أعرفك فمن أنت؟ قال: أنا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم. قال الجهنيّ: ما أعرفني: بنسبك إن بيني وبين سعد خلّة سيد أهل يثرب، فابتاع منه خمس جزائر كل جزور بوسق من تمر، واشترط عليه البدوي تمر ذخرة من تمر آل دليم، فقال قيس: نعم. قال الجهني: أشهد لي. فأشهد له نفرا من الأنصار ومعهم نفر من المهاجرين. فقال عمر بن الخطاب: لا أشهد، هذا يدان ولا مال له إنما المال لأبيه. فقال الجهنيّ: واللَّه ما كان سعد ليخني بابنه في شقة من تمر وأرى وجها حسنا وفعلا شريفا. فأخذ قيس الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة كل يوم جزورا. فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره وقال:

تريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك. وفي حديث جابر عن الشيخين: نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم ثلاث جزائر ثم أن أبا عبيدة نهاه.

وروى محمد بن عمر عن رافع بن خديج [ (٢) ] رضي اللَّه تعالى عنه أن أبا عبيدة قال لقيس: عزمت عليك ألا تنحر، أتريد أن تخفر ذمّتك ولا مال لك؟ فقال قيس: يا أبا عبيدة أترى أبا ثابت وهو يقضي ديون الناس ويحمل الكلّ ويطعم في المجاعة لا يقضي عني شقّة من تمر لقوم مجاهدين في سبيل اللَّه؟ فكاد أبو عبيدة يلين له وجعل عمر يقول أعزم عليه فعزم عليه وأبي عليه أن ينحر فبقيت جزوران فقدم بهما قيس المدينة يتعاقبون عليهما. وبلغ سعد بن عبادة ما كان أصاب الناس من المجاعة فقال: «إن يكن قيس كما أعرف فسوف ينحر القوم» انتهى.

قال جابر: وانطلقنا على ساحل البحر فألقى إلينا البحر دابة يقال لها العنبر، وفي لفظ حوتا لم نر مثله كهيئة الكثيب الضخم، وفي رواية مثل الضريب الضخم فأتيناه فأكلنا منها.

وفي لفظ منه نصف شهر. وفي رواية عند البخاري ثماني عشرة ليلة. وفي رواية عند مسلم شهرا، ونحن ثلاثمائة حتى سمنّا وادّهنّا من ودكه حتى ثابت منه أجسادنا وصلحت ولقد رأيتنا


[ (١) ] قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي أبو الفضل، صحابي له ستة عشر حديثا اتفقا على حديث، وانفرد البخاري له بطرف من حديث آخر. وعنه عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو تميم الجيشاني. قال: أنس كان قيس بين يدي النبي صلى اللَّه عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. وقال عمرو بن دينار: كان إذا ركب الحمار خطبت رجلاه في الأرض.
مات في خلافة معاوية بالمدينة. وله في الجود حكايات. الخلاصة ٢/ ٣٥٦.
[ (٢) ] رافع بن خديج بن رافع بن عديّ بن يزيد بن جشم بن حارثة الأوسي، صحابي شهد أحدا وما بعدها، له ثمانية وسبعون حديثا. اتفقا على خمسة. وانفرد (م) بثلاثة. وعنه ابنه رفاعة، وبشير بن يسار وسليمان بن يسار وطاوس. قال خليفة:
مات سنة أربع وسبعين. الخلاصة ١/ ٣١٤.