مكانهما لما يعلم من عداوتهما للَّه ورسوله صلّى الله عليه وسلم، فلما اطمأن في ظل الجبلة قال ما سيأتي.
وروى الطبراني برجال ثقات عن عبد الله بن جعفر رضي اللَّه عنهما إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم أتى ظلّ شجرة فصلى ركعتين ثم قال:«اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوّتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهّمني أو إلى عدوّ ملكته أمري إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبال ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحلّ علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك» .
فلما رآه ابنا ربيعة وما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما يقال له عداس فقالا له: خذ له هذا القطف من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل عدّاس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال له: كل. فلما وضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم يده قال بسم اللَّه. ثم أكل فنظر عدّاس في وجهه ثم قال: واللَّه إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ومن أيّ البلاد أنت يا عدّاس وما دينك؟ قال: نصراني وأنا من أهل نينوى. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم من قرية الرجل الصالح يونس ابن متّى. قال له عدّاس: وما يدريك ما يونس بن متى؟ واللَّه لقد خرجت منها- يعني من أهل نينوى- وما فيها عشرة يعرفون ما يونس بن متّى فمن أين عرفت أنت يونس بن متى وأنت أمّي وفي أمّة أمّيّة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم: ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي. فأكبّ عدّاس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم يقبل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أمّا غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عدّاس قالا له: ويلك! ما لك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل، لقد أعلمني بأمر لا يعلمه إلا نبي. قال:
ويحك يا عدّاس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه.
وقال عدّاس لسيديه لما أرادا الخروج إلى بدر وأمراه بالخروج معهما فقال لهما: قتال ذلك الرجل الذي رأيت في حائطكما تريدان؟ فو اللَّه ما تقوم له الجبال. فقالا: ويحك يا عدّاس قد سحرك بلسانه.
فانصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنهم وهو محزون لم يستجب له رجل واحد ولا امرأة.
وقال خالد العدواني: إنه أبصر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سوق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي عندهم النصر فسمعته يقول: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ حتى ختمها قال فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها في الإسلام.
قال فدعتني ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل فقرأتها عليهم. فقال من معهم من