للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبت من هذا الرجل الذي يردّ عليه ما يقول يتبعه حيث ذهب ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفرّ منه؟ قال:

هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب أبو لهب

[ (١) ] .

وروى الطبراني عن طارق بن عبد الله قال: إني بسوق ذي المجاز إذ مرّ رجل بي [ (٢) ] عليه حلّة من برد أحمر وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. ورجل خلفه قد أدمى عرقوبيه وساقيه يقول: يا أيها الناس إنه كذاب فلا تطيعوه. فقلت: من هذا؟ قالوا: غلام بني هاشم الذي يزعم أنه رسول اللَّه وهذا عمه عبد العزى.

وروى الطبراني برجال ثقات من مدرك بن [منيب] رضي اللَّه عنه قال: حججت مع أبي فلما نزلنا منى إذا نحن بجماعة فقلت لأبي: ما هذه الجماعة؟ قال: هذا الصابئ. وإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا.

وروى البخاري في تاريخه والطبراني في الكبير واللفظ له عن مدرك بن منيب- بضم أوله وكسر النون وآخره موحدة- العامريّ عن أبيه عن جده رضي اللَّه عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا. فمنهم من تفل في وجهه ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبّه، حتى انتصف النهار فأقبلت جارية بعسّ من ماء فغسل وجهه ويديه وقال: يا بنية لا تخشي على أبيك غلبة ولا ذلة. فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وهي جارية وضيئة.

وروى الطبراني برجال ثقات نحوه عن الحارث بن الحارث.

وروى الإمام أحمد والبيهقي عن الأشعث بن سليم عن رجل من كنانة قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم بسوق ذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا. وإذا رجل خلفه يسفي عليه التراب، وإذا هو أبو جهل، وإذا هو يقول: يا أيها الناس لا يغرّنكم هذا عن دينكم فإنما يريد أن تتركوا عبادة اللات والعزى يتبعه حيث ذهب ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفرّ منه، وما يلتفت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إليه.

قال الحافظ: عماد الدين بن كثير: المحفوظ: أبو لهب. وقد يكون أبو جهل وهما، ويحتمل أن يكون ذا تارة وذا تارة، وأنهما يتناوبان على أذيّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا هو الظاهر.

وذكر ابن إسحاق عرضه صلّى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على كندة وكلب وبني عامر بن صعصعة وبني حنيفة. قال: ولم يكن أحد من العرب أقبح ردّا عليه منهم.


[ (١) ] أخرجه الطبري في التاريخ ٢/ ٣٤٨ وأحمد في المسند ٣/ ٤٩٢ والطبراني في الكبير ٥/ ٥٨.
[ (٢) ] في أشاب.