ثم قال: يا بني عامر هل لها من تلاف هل لذنا بها من مطلب! والذي نفسي بيده ما تقوّلها إسماعيليّ قط كاذبا وإنه لحقّ، فأين رأيكم كان عنكم.
وروى أبو نعيم عن خالد بن سعيد عن أبيه عن جده أن بكر بن وائل قدم مكة في الحج فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ايتهم واعرض عليهم. فأتاهم فعرض عليهم. فقالوا: حتى يجيء شيخنا حارثة. فلما جاء قال: إن بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما تقول فلما التقوا بذي قارهم والفرس قال لهم شيخهم: ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى ما دعاكم إليه؟ قالوا: محمد. قال: فهو شعاركم. فنصروا على الفرس. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم: بي نصروا.
وروى محمد بن عمر الأسلمي عن جهم بن أبي جهم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقف على بني عامر يدعوهم إلى اللَّه تعالى، فقام رجل منهم فقال له: عجبا لك واللَّه قد أعياك قومك ثم أعياك أحياء العرب كلها حتى تأتينا وتتردّد علينا مرةً بعد مرة؟ واللَّه لأجعلنّك حديثا لأهل الموسم. ونهض إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم وكان جالسا فكسر اللَّه ساق الخبيث، فجعل يصيح من رجله وانصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو نعيم عن عبد الله بن وابصة العبسي عن أبيه عن جده قال: جاءنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى فدعانا فاستجبنا له، وكان معنا ميسرة بن مسروق العبسي فقال لنا:
أحلف باللَّه لو صدّقنا هذا الرجل وحملناه حتى نحلّ به وسط رحالنا لكان الرأي، فأحلف باللَّه ليظهرّن أمره حتى يبلغ كلّ مبلغ فأبى القوم وانصرفوا. فقال لهم ميسرة: ميلوا بنا إلى فدك فإن بها يهود نسألهم عن هذا الرجل. فمالوا إلى يهود فأخرجوا سفرهم فوضعوه ثم درسوا ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم النبي الأمي العربي يركب الحمار ويجتزئ بالكسرة، وليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالجعد ولا بالسّبط في عينيه حمرة مشرب اللون. قالوا: فإن كان هو الذي دعاكم فأجيبوه وادخلوا في دينه فإنا نحسده ولا نتبعه ولنا منه في مواطن بلاء عظيم، ولا يبقى أحد من العرب إلا اتبعه أو قتله. فقال ميسرة: يا قوم أن هذا الأمر بيّن فأسلم ميسرة.
وروى أبو نعيم عن ابن رومان وعبد الله بن أبي بكر وغيرهما قالوا: جاء النبي صلى الله عليه وسلم كندة في منازلهم فعرض نفسه عليهم فأبوا. فقال أصغر القوم: يا قوم اسبقوا إلى هذا الرجل قبل أن تسبقوا إليه، فو اللَّه إن أهل الكتاب ليحدثونا إن نبياً يخرج من الحرم قد أظل زمانه فأبوا.
وروى البيهقي عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا: قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا، وكان سويد إنما يسميه قومه الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه، وهو الذي يقول:
ألا ربّ من تدعو صديقا ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري