للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الحاكم أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى «سبحان الله» ، فقال: «تنزيه الله من كل سوء» .

وروى ابن أبي حاتم عن علي رضي الله تعالى عنهما، قال: «سبحان الله، اسم يعظّم الله تعالى به نفسه ويتحاشى به عن السوء» .

الماوردي رحمه الله تعالى: «هو ذكر يعظّم الله تعالى به لا يصلح إلا له» .

وأما ما ذكره في قول الشاعر.

«سبحان من علقمة الفاخر» .

فعلى سبيل الشذوذ.

صاحب النّظم [ (١) ] : «السبّح- في اللغة- التباعد، يدل عليه قوله تعالى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا [المزمل ٧] ، أي تباعدا طويلا. فمعنى سبح الله تعالى بعده عما لا ينبغي.

وللتسبيح معان أخر ذكرتها في كتاب: القول الجامع الوجيز الخادم للقرآن العزيز.

الإمام موفق الدين بن يعيش رحمه الله تعالى في شرح المفصّل: «اعلم أنهم قد علّقوا الأعلام على المعاني فأطلقوها على الأعيان، فمن ذلك قولهم: سبحان، وهو عندنا علم واقع على معنى التسبيح، وهو مصدر معناه البراءة والتنزيه وليس منه فعل، وإنما هو واقع التسبيح الذي هو المصدر في الحقيقة، جعل علما على هذا المعنى فهو معرفة لذلك، ولا ينصرف للتعريف وزيادة الألف والنون. وأما قول الشاعر: «سبحانه ثم سبحانا يعود له» ، ففي تنوينه وجهان: أن يكون ضرورة، والثاني: أن يكون أراد الفكرة» .

الضياء بن العلج رحمه الله، في البسيط: «لفظ المصدر لأنه مصدر سبّح إذا قال:

سبحان الله، ومدلول سبحان التنزيه لا اللفظ» .

قلنا: التسبيح بمعنى التنزيه أيضا لأن معنى سبّحت نزّهت الله تعالى، فتطابقا حينئذ على معنى التنزيه، فصحَّ تعليق سبحان على التسبيح، واستعماله علما قليل، وأكثر استعماله مضافا اما إلى فاعله أو إلى مفعوله. فإذا أضيف فليس بعلم لأن الأعلام لا تضاف.

قال: وقيل «سبحان» في البيت مضاف حذف المضاف إليه للعلم به وليس بعلم» .


[ (١) ] أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني القاضي بجرجان ثم بالري ذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقاته فقال: كان فقيها أديبا شاعرا وفيه يقول الصاحب بن عباد:
إذا نحن سلمنا لك العلم كله ... فدع هذه الألفاظ ننظم شذورها
انظر شذرات الذهب ٣/ ٥٦، ٥٧.