ابن عادل: «فاعل ينطق إما ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الظاهر، وإما ضمير القرآن كقوله تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [الجاثية: ٢٩] .
ابن القيّم: تنزّه تعالى عن نطق رسوله صلى الله عليه وسلم عن أن يصدر عن هوىّ، وبهذا الكمال هداه وأرشده، ولم يقل: وما ينطق بالهوى، لأن نفي نطقه عن الهوى أبلغ، فإنه يتضمّن أن نطقه لا يصدر عن هوى، وإذا لم يصدر عن هوى فكيف ينطق به؟ فتضمّن نفي الأمرين: نفي الهوى عن مصدر النّطق، ونفيه عن النطق نفسه، فنطقه بالحق، ومصدره الهدى والرشاد، لا الغيّ والضلال.
اللباب: قال النحاس [ (١) ] : «قول قتادة أولى وتكون»«عن» على بابها أي ما يخرج نطقه عن رأيه، إنما هو بوحي من الله تعالى، لأن بعده إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [النجم: ٤] .
وقيل: هو بمعنى الباء، أي ما ينطق بالهوى، أي ما يتكلم بالباطل، وذلك أنهم قالوا: إن محمدا يقول من تلقاء نفسه» . المصباح: الهوى مقصور مصدر هويته من باب تعب إذا أحببته وعلقت به، ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها عن الشيء ثم استعمل في ميل مذموم فيقال اتّبع هواه» .
الإمام البيهقي:«وأحسن ما يقال في تفسير الهوى أنه المحبة، لكن من النفس، يقال هويته بمعنى أحببته. والحروف التي في هوي تدل على الدّنوّ والنزول والسقوط ومنه الهاوية، فالنفس إذا كانت دنيّة وتركت المعالي وتعلّقت بالسفاسف فقد هوت فاختص الهوى بالنفس الأمّارة بالسوء» .
الشعبي:«إنما سمّي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه» . وقال بعض الحكماء: «الهوى إله معبود، له شيطان شديد، يخدمه شيطان مريد، فمن عبد أوثانه، وأطاع سلطانه، واتّبع شيطانه، ختم الله تعالى علي قلبه، وحرم الرّشاد من ربّه، فأصبح صريح غيّه، غريق ذنبه، وقال عز من قائل أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ، وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً، فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: ٢٣] وقال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: ٥٠] .
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فالمنجيات: خشية الله في السر والعلانية، والحكم بالعدل في الرضا والغضب، والاقتصاد في الفقر والغنى، والمهلكات: شجّ
[ (١) ] أحمد بن محمد بن إسماعيل المراديّ المصري، أبو جعفر النحاس: مفسر، أديب. مولده ووفاته بمصر. كان من نظراء نفطويه وابن الأنباري. زار العراق واجتمع بعلمائه. وصنف «تفسير القرآن» و «إعراب القرآن» و «تفسير أبيات سيبويه» و «ناسخ القرآن ومنسوخه» و «معاني القرآن» انظر الأعلام ١/ ٢٠٨.