للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمام الرازي: «أي فكان بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم مقدار قوسين أو أقل، فهذا على استعمال العرب وعادتهم، فإن الأميرين منهم أو الكبيرين إذا اصطلحا وتعاقدا خرجا بقوسيهما، جعل كل واحد منهما قوسه بطرف قوس صاحبه، ومن دونهما من الرعية يكون كفّه بكف صاحبه فيمدان باعيهما، لذلك فسمّي مبايعة. وعلى هذا ففيه مقدار قوسين أو كان جبريل سفيرا بين حضرة الله تعالى عنه ومحمد صلى الله عليه وسلم فكان كالتّبع لمحمد صلى الله عليه وسلم، فصار كالمبايع الذي يمدّ الباع لا القوس» .

اللباب: القاب: القدر تقول: هذا قاب هذا، أي قدره ومثله: القيب والقاد والقيد والقيس.

الجوهري: «وقال بعضهم في الآية أراد قابي قوس فقلبه. وفي الحديث الصحيح: لقاب قوس أحدكم [أو موضع قدّه] من الجنة خير من الدنيا وما فيها» . والقوس معروفة، وهي ما يرمى بها وهي مؤنثة وشذوا في تصغيرها، فقالوا قويس من غير تأنيث، وإنما ضرب المثل بالقوس لأنها لا تختلف بألقاب وإن لم يجر لها ذكر لعدم اللّبس» .

الواحدي: «المراد بالقوس التي يرمى بها عند الجمهور، قال: وقيل المراد الذراع لأنها يقاس بها» .

القرطبي: «وقال سعيد بن جبير، وعطاء، وأبو إسحق الهمداني، وأبو وائل [ (١) ] شقيق ابن سلمة «فكان قاب قوسين» أي قدر ذراعين، والقوس الذراع يقاس بها كل شيء، وهي لغة بعض الحجازيين، وقيل هي لغة أزد شنوءة أيضا» . قلت: ورواه ابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود أيضا.

قال الحافظ: وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح، فقد روى الطبراني وابن مردويه والضياء بسند صحيح عن ابن عباس قال: القاب والقيد والقوسان الذراعان.

اللباب: «أو» هنا كهي في قوله تعالى: أَوْ يَزِيدُونَ لأن المعنى بأحد هذين المقدارين في رأي الرائي أي لتقارب ما بينهما لا [ (٢) ] يشك الرائي في ذلك. وقال ابن القيّم:

«أو» هنا ليست للشك بل لتحقيق قدر المسافة، وأنها لا تزيد على قوسين البتة، كما قال تعالى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات: ١٤٧] ، تحقيقا لهذا القدر وأنهم لا ينقصون عن مائة ألف أو يزيدون رجلا واحدا، ونظيره قوله تعالى:


[ (١) ] شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل، الكوفي، ثقة، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة. التقريب (٣٥٤١١) .
[ (٢) ] سقط في أ.