للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقوفهم عندها. الخامس: لأن أرواح الشهداء تنتهي إليها، قاله الربيع بن أنس. السادس: لأنه تأوي إليها أرواح المؤمنين، قاله قتادة. السابع: لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنّة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهاجه، قاله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، والربيع بن أنس أيضا.

الثامن: [هي شجرة على رؤوس حملة العرش] إليها ينتهي علم الخلائق. التاسع: لأن من رفع إليها فقد انتهى في الكرامة» .

الماوردي: «فإن قيل: لم اختيرت السّدرة دون غيرها؟ قيل لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظلّ مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكيّة، فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا ونيّة وعملا، فظلّها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النّيّة لكمونه أي استتاره، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره» .

الصحاح: «السّدر شجر النبق الواحدة سدرة والجمع سدرات أي بكسر فسكون وسدرات بكسرتين، وسدرات بكسر ففتح، وسدر بكسر ففتح» ، وسيأتي في شرح القصّة الكلام على أصلها.

تنبيه: جاء في النّهي عن قطع السّدر أحاديث. فروى أبو داود والطبراني والبيهقي والضياء في صحيحه عن عبد الله بن حبشيّ بضم المهملة ثم موحّدة ساكنة، ثم معجمة بعدها ياء ثقيلة، ابن جنادة، بضم الجيم وبالنون والدال المهملة، السّلولي، بفتح السين المهملة ولامين، رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قطع سدرة صوّب الله رأسه في النار» ،

زاد الطبراني يعني من سدر الحرم. وقال أبو داود رحمه الله تعالى: يعني من قطع السّدر في فلاة يستظلّ بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها. وروى البيهقي عن أبي ثور أنه سأل الشافعي عن قطع السّدر فقال: لا بأس به.

وقد روى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اغسلها بماء وسدر» ،

فيكون محمولا على ما حمله عليه أبو داود. وقال البيهقي: وروينا عن عروة إنه كان يقطعه وهو أحد رواة النهي، فيشبه أن يكون النهي خاصا كما قال أبو داود.

وقال الخطّابي: سئل المزني [ (١) ] عن هذا فقال: وجهه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمّن هجم على قطع سدر لقوم أو يتيم أو لمن حرم الله تعالى أن يقطع عليه، فتحامل عليه فقطعه فاستحق ما قاله، فتكون المسألة سبقت لسامع فسمع الجواب ولم يسمع المسألة وجعل نظيره


[ (١) ] إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق أبو إبراهيم، المزني، المصري، الفقيه الإمام صاحب التصانيف.
أخذ عن الشافعي وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي، كان زاهدا، عالما، مجتهدا، مناظرا، محجاجا، غواصا على المعاني الدقيقة، صنف كتبا كثيرة، قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي. ولد سنة خمس وسبعين ومائة وتوفي في رمضان، وقيل: في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين، وكان مجاب الدعوة. انظر طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٥٨.