للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن أبي شيبة عن جابر وابن عباس رضي الله عنهما قالا: «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وفيه بعث وفيه عرج إلى السماء وفيه مات» . وقولهما: «وفيه عرج إلى السماء» أراد الليلة لأن الإسراء كان بالليل اتفاقا.

تنبيه: ذكر أبو الخطاب بن دحية إن الإسراء كان في الليلة التي بين الأحد والاثنين على القول بأن الليلة تتبع اليوم الذي قبلها. ثم قال: «ويدل على أن الليلة تتبع اليوم الذي قبلها أن ليلة عرفة هي التي قبلها بإجماع، وكان بعضهم يقول: ليلة السبت في ظنّ الناس هي ليلة الجمعة» . انتهى. والذي ذكره النحاة في باب التأريخ أن ليلة كل يوم هي التي قبله، لأن أول الشهر ليلة، وآخره يوم. وبذلك صرّح أئمتنا الشافعية في غير موضع من كتبهم. وليلة عرفة وإن تأخّرت عن يومها شرعا فذلك في الحكم، وهو مشروعية الوقوف في هذا الوقت المخصوص، ولا يعترض على ما سبق بقوله تعالى: وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ لأن المفسّرين ذكروا فيه معنى غير هذا، فقال مجاهد،: «في قضاء الله تعالى وعلمه لا يفوت اللّيل النّهار حتى يدركه فيذهب بظلمته، وفي قضاء الله وعلمه لا يفوت النّهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه» . رواه ابن المنذر.

وقال الضّحّاك: «لا يذهب الليل من ههنا حتى النهار من ههنا» . رواه ابن أبي حاتم.

وقال البغوي: «أي هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته» . وقيل لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر، فلا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء. فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة، وقيل: لا يتصل ليل بليل ولا يكون بينهما نهار فاصل. والله أعلم.