للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة» . فنزل حتى انتهى إلي موسى، فأخبره فقال: «ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك» . قال له: «قد راجعت ربي حتى استحييت منه ولكن أرضى وأسلّم» .

فناداه مناد أن «قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي» [ (١) ] .

فقال له موسى: «اهبط بسم الله» . ولم يمر على الملأ من الملائكة إلا قالوا له: «عليك بالحجامة [ (٢) ] » . وفي لفظ: «مر أمتك بالحجامة» . ثم انحدر، فقال جبريل: «ما لي لم آت لأهل السماء إلا رحّبوا بي وضحكوا إليّ، غير واحد سلّمت عليه فردّ السلام ورحّب بي ودعا لي، ولم يضحك إليّ. قال: قال: «مالك خازن النار، لم يضحك منذ خلق، ولو ضحك لأحد لضحك إليك» . فلما نزل إلى السماء الدنيا نظر أسفل منه، فإذا هو برهج ودخان، فقال ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم، لا يتفكرون في ملكوت السموات والأرض، ولولا ذلك لرأوا العجائب.

ثم ركب منصرفا، فمرّ بعير لقريش بمكان كذا وكذا، منها جمل عليه غرارتان غرارة سوداء وغرارة بيضاء، فلما حاذى العير نفرت واستدارت وصرخ ذلك البعير وانكسر، ومرّ بعير قد ضلّوا بعيرا لهم قد جمعه فلان، فسلّم عليهم، فقال بعضهم: هذا صوت محمد.

ثم أتى أصحابه قبيل الصبح بمكة، فلما أصبح قطع وعرف أن الناس تكذّبه، فقعد حزينا، فمرّ عليه عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ قال: نعم. قال: ما هو؟ قال: أسري بي الليلة. قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس.

قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم. فلم ير أنه يكذّبه مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه. قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ قال: نعم، قال يا معشر بني كعب بن لؤي.

فانفضت إليه المجالس، وجاءوا حتى جلسوا إليهما. فقال: حدّث قومك بما حدّثتني

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني أسري الليلة بي» . قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم، فمن بين مصفّق ومن بين واضع يده على رأسه متعجّبا، وضجّوا وأعظموا ذلك.

فقال المطعم بن عدي: كل أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم، أنا أشهد أنك كاذب، نحن نضرب أكباد الإبل إلى البيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا، أتدّعي أنت أنك أتيته في ليلة؟ واللّات والعزّى لا أصدقك.


[ (١) ] أخرجه البخاري، ٧/ ٣٤١ (٣٨٨٧) .
[ (٢) ] أخرجه البخاري بلفظ، إن أمثل ما تداويتم به الحجامة، (٥٦٩٦) .