الخراساني قال:«لما فرغ سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام من بناء بيت المقدس أنبت الله شجرتين عند باب الرحمة أحدهما تنبت الذهب والأخرى تنبت الفضّة، فكان كل يوم تنزع من كل واحدة مائة رطل ذهب وفضّة، ففرش المسجد، بلاطة ذهبا وبلاطة فضة.
فلما جاء بختنصر خرّبه واحتمل منه ثمانين عجلة ذهبا وفضة فطرحهما برومية» .
وروى الواسطي عن سعيد بن المسيّب رحمهما الله تعالى أن سليمان عليه السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس فرّغ له عشرة آلاف من قرّاء بني إسرائيل: خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار، فلا تأتي ساعة من ليل أو نهار إلا والله تعالى يعبد فيه. وروى الواسطي عن كعب الأحبار إن سليمان بن داود عليهما السلام لما فرغ من بناء المسجد خرّ ساجدا شكرا لله وقال:«يا رب من دخله من خائف فأمّنه أو من داع فاستجب له أو مستغفر فاغفر له» ، فأوحى الله تعالى إليه:«إني قد أجبت لآل داود الدعاء» . قال: فذبح أربعة آلاف بقرة وسبعة آلاف شاة، وصنع طعاما كثيرا ودعا بني إسرائيل إليه.
والآثار في هذا كثيرة، وقد ذكر المؤرخون في عمارته وما فيه من الجواهر والمعادن واليواقيت في سمائه وأرضه وجدرانه ما تعجز عنه ملوك الدنيا. فلما دخل بختنصر خربه وأخذ تلك النفائس التي فيه، وذكر ذلك هنا ليس من غرضنا. الثانية: في بعض فضله، قال الله سبحانه وتعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [الإسراء: ١] وهذه الآية هي المعظّمة لقدره بإسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قبل عروجه إلى السماء وإخبار الله تعالى بالبركة حوله. وتقدم الكلام على ذلك. وقال تعالى: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: ٧١] .
روى أبو المعالي المشرف بن المرجّى المقدسي في فضائله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:«الجنّة تحن إلى بيت المقدس، وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس» . وروى الواسطي عن مكحول قال:«من صلى في بيت المقدس ظهرا وعصرا ومغربا وعشاء، ثم صلّى الغداة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .
وروى أيضا عن كعب قال:«في بيت المقدس، اليوم فيه كألف يوم وشهر فيه كألف شهر والسّنة فيه كألف سنة، ومن مات فيه كأنما مات في السماء» .
وروى الحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في بيت المقدس لنعم المصلّى، وليوشكن ألا يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا أو قال خير من الدنيا وما فيها» .
وروى الواسطي عن كعب قال:«إن الله ينظر إلى بيت المقدس كل يوم مرتين» . والآثار في فضله كثيرة.