للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرث فخلعهما من رجليه، ثم رمى بهما إليّ، فقال: والله لتنتعلنّهما. قال: يقول أبو جابر:

[مه] أحفظت والله الفتى فاردد عليه نعليه. قال: قلت: لا والله لا أردهما، فأل والله صالح، لئن صدق الفأل لأسلبنّه» . قال ابن إسحاق: «وحدثني عبد الله بن أبي بكر: أنهم أتوا عبد الله بن أبيّ بن سلول فقالوا له مثل ما ذكر كعب من القول، فقال لهم: والله إن هذا لأمر جسيم ما كان قومي ليتفوتوا عليّ بمثل هذا وما علمته. قال: فانصرفوا عنه. قال: ونفر الناس من منى، فتنطّس القوم الخبر، فوجدوه قد كان. وخرجوا في طلب القوم، فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر، والمنذر بن عمرو، وكلاهما كان نقيبا. فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه بجمّته وكان ذا جمّة وشعر كثير. قال سعد: فو الله إني لفي أيديهم إذ طلع عليّ نفر من قريش فيهم رجل وضيء أبيض شعشاع حلو من الرجال.

قال: قلت في نفسي: إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا. قال: فلما دنا منّي رفع يده فلطمني لطمة شديدة- قال ابن هشام: هو سهيل بن عمرو، قلت: وأسلم بعد ذلك- قال:

فقلت في نفسي: لا والله ما عندهم بعد هذا خير. قال: فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذا أوى إلى رجل ممن كان معهم- قال ابن هشام: هو أبو البختريّ بن هشام، قلت: ومات كافرا- فقال: ويحك: أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد؟ قال: قلت: بلى والله ولقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عديّ تجارة، وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي، وللحرث بن حرب بن أمية. قال: ويحك، فاهتف باسم الرجلين، واذكر ما بينك وبينهما. قال: ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما فوجدهما في المسجد عند الكعبة فقال لهما: إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ليهتف بكما ويذكر أن بينه وبينكما جوارا. قالا: ومن هو؟ قال: سعد بن عبادة. قالا: صدق والله إن كان ليجير لنا تجارنا ويمنعهم أن يظلموا ببلده. قال: فجاء فخلّصا سعدا من أيديهم، فانطلق.

قال ابن إسحاق: وكان أول شعر قيل في الهجرة بيتين قالهما ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر- قلت: وأسلم بعد ذلك.

تداركت سعدا عنوة فأخذته ... وكان شفاء لو تداركت منذرا

ولو نلته طلّت هناك جراحه ... وكان حرّيا أن يهان ويهدرا [ (١) ]

قال ابن هشام: ويروى: «وكان حقيقا أن يهان ويهدرا» ، قال ابن إسحاق: فأجابه حسان بن ثابت فيهما فقال:


[ (١) ] انظر ديوان حسان ١١٦.