للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى في حرم مكة. وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الحج ٢٥] والوعيد الشديد لمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا. والحدث يشمل الصغيرة فهي بها كبيرة، أي يعظم جزاؤها لدلالتها على جرأة مرتكبها بحرم سيّد المرسلين وحضرته الشريفة.

والوعيد الشديد لمن ظلم أهلها أو أخافهم، ووعيد من لم يكرم أهلها وأن إكرامهم وتعظيمهم حقّ على الأمة، وأنه صلّى الله عليه وسلم شفيع أو شهيد لمن حفظهم فيه،

وقوله: «من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبيّ» .

واختصاصها بملك الإيمان والحياء، ويكون الإيمان يأرز إليها، واشتباكها بالملائكة وحراستهم لها، وإنها دار الإسلام أبدا لحديث:

«إن الشياطين قد أيست أن تعبد ببلدي هذا»

[ (١) ] ، وأنها «آخر قرى الإسلام خرابا» ، رواه الترمذي، وحسنه، ويأتي بسطه في المعجزات إن شاء الله تعالى، وعصمتها، من الدّجال وخروج الرجل الذي هو خير الناس أو من خير الناس منها للدّجّال ليكذّبه، ونقل وبائها وحمّاها والاستشفاء بترابها وبتمرها كما سيأتي في الخصائص.

وقوله في حديث للطبراني: «وحقّ على كل مسلم أن يأتيها» ، وسماعه صلى الله عليه وسلم لمن صلّى عليه بها عند قبره الشريف، ووجوب شفاعته لمن زاره بها، وغير ذلك مما سيأتي في باب فضل زيارته. وكونها أوّل مسجد اتخذه بها لعامة المسلمين في هذه الأمة، وتأسيس مسجدها على يده صلى الله عليه وسلم، وعمل فيه بنفسه، ومعه خير الأمة، وأن الله سبحانه وتعالى أنزل في شأنه لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ [التوبة ١٠٨] وكونه آخر مساجد الأنبياء، والمساجد التي تشدّ إليها الرّحال، وكونه أحقّ المساجد أن يزار وما يذخر لزائره من الثواب المضاعف كما سيأتي وأن من صلّى فيه أربعين صلاة كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب، وأنه بريء من النفاق، وأن من خرج على طهر لا يريد إلا الصلاة فيه كان بمنزلة حجّة، وما ثبت من أنّ إتيان مسجد قباء والصلاة فيه تعدل عمرة وغير ذلك مما ثبت في فضلها.

وأن بين بيته وقبره روضة من رياض الجنة، مع ذهاب بعضهم إلى أن ذلك يعمّ مسجده صلّى الله عليه وسلم، وأنه المسجد الذي لا تعرف بقعة في الأرض من الجنة غيره، وأنه على حوضه صلّى الله عليه وسلم، وما جاء في أن «ما بين منبره الشريف والمصلّى روضة من رياض الجنة» [ (٢) ] وسيأتي ما يقتضي أن المراد مصلّى العيد وهو جانب كبير من هذه البلدة.

وقوله في أحد [هذا جبل] يحبّنا ونحبّه، وأنه على ترعة من ترع الجنة. وفي وادي


[ (١) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٣/ ٣٠٢ وعزاه للبزار وقال: فيه السكن بن هارون الباهلي ولم أجد من ترجمه.
[ (٢) ] أخرجه مسلم ٢/ ١٠١٠ (٥٠٠- ١٣٩٠) .