منقوشة وسقّفه بالسّاج. زاد في العيون: ونقل إليه الحصباء من العقيق.
وأول من اتخذ فيه المقصورة مروان بن الحكم بناها بحجارة منقوشة [وجعل لها كوى] ، ثم لم يحدث فيه شيئا إلى أن ولي الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد أبيه، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة يأمره بهدم المسجد وبنائه، وبعث إليه بمال وفسيفساء ورخام وثمانين صانعا من الروم والقبط من أهل الشام ومصر، فبناه وزاد فيه، وولى القيام بأمره والنفقة عليه صالح بن كيسان وذلك في سنة سبع وثمانين ويقال: من سنة ثمان وثمانين.
ولم يحدث فيه أحد من الخلفاء شيئا حتى استخلف المهدي. قال محمد بن عمر:
بعث المهدي عبد الملك بن شبيب الغسّائي ورجلا من ولد عمر بن عبد العزيز إلى المدينة لبناء مسجدها والزيادة فيه، وعليها يومئذ جعفر بن سليمان بن علي، فمكثا في عمله سنة، وزاد في مؤخّره مائة ذراع فصار طوله ثلاثمائة ذراع وعرضه مائتي ذراع. وقال علي بن محمد المدائني: «ولّى المهدي جعفر بن سليمان مكة والمدينة واليمامة فزاد في مكة ومسجد المدينة، وتمّ بناء مسجد المدينة في سنة اثنتين وستين ومائة. وكان المهدي أتى إلى المدينة في سنة ستين ومائة قبل الحج فأمر بقلع المقصورة وتسويتها مع المسجد، ويقال إن المأمون عمره أيضا وزاد فيه. والله أعلم.
ثم لم يزد فيه شيئا أحد من الخلفاء بعد المأمون، ولم يعمّروا إلا مواضع يسيرة، إلى أن حصل الحريق [في المسجد النبوي] في أول شهر رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة أول الليل لدخول أبي بكر بن أوحد الفرّاش الحاصل الذي في الزاوية الغريبة لاستخراج قناديل لمنائر المسجد. وترك الضوء الذي كان في يده على قفص من أقفاص القناديل وفيه مشاق فاشتعلت النار فيه وأعجزه إطفاؤها وعلقت ببسط وغيرها مما في الحاصل وتزايد الالتهاب حتى اتصلت بالسقف بسرعة [ثم دبّت في السقوف] آخذة قبلة فأعجلت الناس عن إطفائها بعد أن نزل أمير المدينة واجتمع معه غالب أهلها، فلم يقدروا على قطعها، وما كان إلا أقل من القليل حتى استولى الحريق على جميع سقف المسجد الشريف وما احتوى من المنبر النبوي والأبواب والخزائن والمقاصير والصناديق ولم تبق خشبة واحدة، وكذا الكتب، وكسوة الحجرة الشريفة. قال القطب القسطلاني: وكان عليها حينئذ إحدى عشرة ستارة، وأزالت النار تلك الزخارف التي لا ترضي، وشوهد من هذه النار صفة القهر والعظمة الإلهية مستولية على الشريف والمشروف. وكان هذا الحريق عقب ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرض المدينة، وحماية أهلها منها لما التجأوا إلى مسجدها، فانطفأت عند وصولها لحرمها. قلت: وسيأتي بيان ذلك في المعجزات إن شاء الله تعالى.