أيضا كما عند ابن أبي شيبة وأبي داود في ناسخه، والطبراني والزهري كما عند البيهقي، وسعيد بن المسيب كما عند الإمام مالك وأبي داود فيه، وابن جرير وقتادة كما عند عبد بن حميد، وابن المنذر «على رأس ستة عشر شهراً» . وقال أنس بن مالك كما عند البزار، وابن جرير تسعة عشر شهراً. قال الحافظ:«فطريق الجمع بين رواية ستة عشر وسبعة عشر شهرا، ورواية الشك في ذلك: أن من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل وشهرا وألغى الأيام الزائدة، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا، ومن شك تردد في ذلك، وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف وكان التحويل بعد الزوال في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس. وقول ابن حبّان: سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام مبني على أن القدوم كان في ثاني ربيع الأول، وأسانيد رواية ثلاثة عشر وثمانية عشر وتسعة عشر شهرا، وعشرة أشهر، ورواية شهرين، ورواية سنتين هي أسانيد ضعيفة، والاعتماد على الثلاثة الأول.
الثالث: اختلف في أي شهر كان تحويل القبلة. فقال محمد بن حبيب: في نصف شعبان، وهو الذي ذكره النووي في الروضة وأقرّه، مع كونه رجّح في شرحه على صحيح مسلم رواية ستة عشر شهراً لكونها مجزوما بها عند مسلم. ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا بإلغاء شهري القدوم والتحويل. وجزم موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة.
الرابع: اختلف في أي صلاة كان التحويل، ففي الصحيح عن البراء بن عازب أن أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي صلاة العصر، والأكثر على أنها صلاة الظهر. قال الحافظ:
والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة- بكسر اللام- الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو لأهل قباء.
الخامس: اختلف في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وهو بمكة، فروى ابن ماجة عن طريق أبي بكر بن عياش عن البراء أنه قال: «صلّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين» . وظاهره أنه كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس محضا. وحكى الزهري خلافا في أنه جعل الكعبة خلف ظهره أو أنه جعلها بينه وبين بيت المقدس، وعلى الأول فكان يجعل الميزاب خلفه، وعلى الثاني كان يصلي بين الرّكنين اليمانيّين. وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة بمكة، فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس، ثم نسخ. قال الحافظ: «وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النّسخ مرّتين، والأول أصحّ لأنه يجمع بين القولين. وقد صحّحه الحاكم وغيره. وحمل أبو عمر هذا