النبي فقال:«إني سائلك عن خلال لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ وما هذا السواد الذي في القمر؟» قال: «أخبرني بهنّ جبريل آنفا. قال: «جبريل» ؟ قال:«نعم» . قال «عدو اليهود من الملائكة» . «ثم قرأ: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [البقرة ٩٧] قال: «أما أول أشراط الساعة: فنار تخرج علي الناس من المشرق [تسوقهم] إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة:
فزيادة كبد حوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد، وأما السواد الذي في القمر: فإنهما كانا شمسين. قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ [الإسراء ١٢] فالسواد الذي رأيت هو المحو» . فقال:«أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله» . ثم رجع إلى أهل بيته فأمرهم فأسلموا وكتم إسلامه. ثم خرج إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال:«يا رسول الله، إن اليهود قد علمت أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، وأنهم قوم بهت، وأنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني، وقالوا فيّ ما ليس في، فأحب أن تدخلني بعض بيوتك» . فأدخله رسول الله بعض بيوته، وأرسل إلى اليهود فدخلوا عليه فقال:«يا معشر يهود يا ويلكم اتقوا الله فو الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون إني رسول الله قد جئتكم بالحق فأسلموا» . فقالوا: ما نعلمه. فقال:«أي رجل فيكم الحصين بن سلام» ؟ قالوا:«خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا» . فقال:«أرأيتم إن أسلم» قالوا: «أعاذه الله من ذلك» . فقال:«يا بن سلام اخرج إليهم»
فخرج عبد الله فقال:«أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، يا معشر يهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به، فوالله إنكم لتعلمون أنه لرسول الله حقا، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة:
اسمه وصفته، فإني أشهد أنه رسول الله وأومن به وأصدقه وأعرفه. قالوا: «كذبت أنت شرنا وابن شرّنا» ، وانتقصوه. قال:«هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله، ألم أخبرك أنهم قوم بهت، أهل غدر وكذب وفجور» ؟ قال:«وأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي، وأسلمت عمّتي خالدة بنت الحارث وحسن إسلامها» .
بيان غريب ما سبق:
«نفس الساعة» بفتح النون والفاء، أي بعثت وقد حان وقت قيامها وقرب، ألا إن الله أخّرها قليلا، فبعثني في ذلك النّفس، فأطلق النّفس على القرب. وقيل معناه: أنه جعل للساعة