الرابعة: ما ذكره في عدد الحروف مبني على طريقة المغاربة: السين بثلاثمائة، والصاد بستين، وعند المشارقة: السين ستّون والصاد تسعون. فيكون المقدار عندهم ستمائة وثلاثة وتسعون، وقد مضت وزيادة عليها فإنه في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة فالجملة على ذلك من هذه الحيثية باطلة.
الخامسة: ثبت عن ابن عباس الزّجر عن عدد أبي جاد، والإشارة إلى أن ذلك من جملة السّحر. قال الحافظ:«وليس ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة» .
السادسة: قال القاضي أبو بكر بن العربي شيخ السهيلي في
قوله صلى الله عليه وسلم:«بعثت أنا والساعة كهاتين» ،
وأشار بالسّبّابة والوسطى. قيل: الوسطى تزيد على السّبّابة بنصف سبع إصبع، وكذلك الباقي من البعثة إلى قيام الساعة» . قال «وهذا بعيد، ولا يعلم مقدار الدنيا، فكيف يتحصّل لنا نصف سبع أمد مجهول؟ فالصواب الإعراض عن ذلك» . وقال القاضي في الإكمال:«حاول بعضهم في تأويله أن نسبة ما بين الإصبعين كنسبة ما بقي من الدنيا إلى ما مضى، وأن جملتها سبعة آلاف سنة، واستند إلى أخبار لا تصحّ، وذكر ما أخرجه أبو داود في تأخّر هذه الأمة نصف يوم وفسّره بخمسمائة سنة، فيؤخذ من ذلك نصف سبع، وهو قريب مما يلي السّبابة، والوسطى في الطول» . قال:«وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزة هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتا لم يقع خلافه» . انتهى.
وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد القاضي إلى هذا الحين نحو الأربعمائة سنة. وقال ابن العربي أيضا في فوائد رحلته:«ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السّور، وقد تحصّل لي فيها عشرون قولا وأزيد، ولا أعرف أحدا يحكم عليها بعلم ولا يصل فيها إلى فهم» إلى آخر ما ذكره. وقد ذكرته مع فوائد أخرى في الكلام على هذه الحروف في كتابي. «القول الجامع الوجيز الخادم للقرآن العزيز» . لا توجد مجموعة في غيره.
السابعة: قال الحافظ: «وأما عدد الحروف فإنما جاء عن بعض اليهود، وعلى تقدير أن يكون ما ذكر في عدد الحروف فليحمل على جميع الحروف الواردة ولا يحذف المكرّر فإنه ما من حرف إلا وله سرّ يخصّه، أو يقتصر على حذف المكرر من أسماء السّور ولو تكررت الحروف فيها، فإن السور التي ابتدئت بذلك تسع وعشرون سورة، وعدد حروف الجميع ثمان وستون حرفا وهي: الم: ستة، وحم: سبعة، والر: خمسة، وطسم: اثنتان والمص وكهيعص وطه وطس ويس وص وق ون. فإذا حذف ما كرّر من السّور وهي خمس من الم وست من حم، وأربع من الر وواحدة من طسم، بقي أربع عشرة سورة عدد حروفها ثمان وثلاثون حرفا.