للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعودونه فخرجوا من عنده وهم يرون أنه لما به [مطبوب] . وفي رواية عمرة عن عائشة عند البيهقي: فكان يذوب وما يدري وما وجعه فاشتكى لذلك أياما. وفي رواية أبي ضمرة عند الإسماعيلي: مكث أربعين ليلة. وفي رواية وهيب عند الإمام أحمد: ستة أشهر، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله عز وجل ثم دعا ثم قال: «يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟» قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «أتاني رجلان [ (١) ]- وفي حديث ابن عباس:

جبريل وميكائيل- فقعد أحدهما عند رأسي- قال الدمياطي: هو جبريل- والآخر عند رجلي. ثم قال أحدهما لصاحبه- وفي حديث ابن عباس: فقال ميكائيل: يا جبريل إن صاحبك شاك. قال:

أجل. قال: وما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي.

قال: فبماذا؟ قال: «في مشط ومشاطة- وفي لفظ: مشط ومشاقة وجفّ طلع نخلة ذكر» .

وفي حديث عائشة من طريق ابن عيينة، «فقال الذين عند رأسي» . قال الحافظ: «وكأنها أصوب» . وفي حديث ابن عباس عند البيهقي قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان- وفي لفظ: بئر ذروان- وفي حديث ابن عباس عند ابن مردويه: وهو بئر ميمون في كدية [ (٢) ] تحت صخرة في الماء. قال: فما دواء ذلك؟ قال: تنزح البئر ثم تقلب الصخرة فتؤخذ الكدية فيها مثال إحدى عشرة عقدة فتحرق فإنه يبرأ بإذن الله تعالى. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا وعمّارا.

وفي حديث آخر: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر، فنظر إليها، وعليها نخل، فدخل رجل فاستخرج جفّ طلعة [ذكر] من تحت الراعوفة، فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر، فنزل جبريل عليه السلام بالمعوذتين: سورة الفلق وسورة الناس [وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد وأمر أن يتعوذّ بهما] فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع إبرة وجد لها ألما ويجد بعدها راحة.

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال.

قالت عائشة: فلما رجع قال: «لكأنّ ماءها نقاعة الحنّاء وكأنّ رؤوس نخلها الذي يشرب ماءها قد التوى سعفه كأنّه رؤوس الشياطين» . قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: «لا» -

وفي رواية من حديث عائشة في الصحيح وغيره: فقلت يا رسول الله: أفلا- قال سفيان: أي تنشّرت- فقال: «أما والله» - وفي رواية: «أمّا أنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أن أثوّر- وفي رواية أثير- على الناس منه شرّا» . وأمر بها فدفنت. فقيل:

يا رسول الله لو قتلته فقال: «ما وراءه من عذاب أشدّ» . وفي رواية: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف فعفا عنه ولم يقتله.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٧/ ١٧٧ (دار الفكر) وابن ماجة (٢٦١) .
[ (٢) ] الكدية: قطعة غليظة صلبة لا تعمل فيها الفأس. وأكدى الحافر: إذا بلغها. انظر النهاية ٤/ ١٥٦.