للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: ودفع الّلواء إلى مصعب بن عمير، وكان أبيض، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان: إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها: العقاب، وكان سنّه إذ ذاك عشرين سنة، وكانت الأخرى مع بعض الأنصار.

وقال ابن سعد: كان لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب ابن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ، وجزم بذلك في الهدى.

قال أبو الفتح: والمعروف أن سعد بن معاذ كان يومئذ على حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش، وأن لواء المهاجرين كان بيد عليّ. قلت: العريش كان ببدر، والذي ذكره ابن سعد:

كان في الطريق. واستخلف ابن أم مكتوم على الصلاة، وردّ أبا لبابة من الرّوحاء واستخلفه على المدينة، وكان عليه صلى الله عليه وسلم درعه ذات الفضول، وتوشّح بسيف أهداه له سعد بن عبادة يقال له: العضب، وكانت إبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعين بعيرا فاعتقبوها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وزيد بن حارثة- ويقال مرثد بن أبي مرثد- يعتقبون بعيرا، وقيل: وكان حمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، وأبو كبشة، وأنسة مولى النبي صلى الله عليه وسلم على بعير، وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا، ورفاعة وخلاد ابنا رافع بن مالك بن العجلان وعبيد بن يزيد بن عامر بن العجلان الأنصاريّون يعتقبون بعيرا، حتى إذا كانوا بالرّوحاء برك بعيرهم وأعيا، فهمّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله برك علينا بكرنا،

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتمضمض وتوضّأ في إناء، ثم قال: «افتحا فاه» ففعلا فصبّه في فيه، ثم على رأسه وعنقه، ثم على حاركه وسنامه، ثم على عجزه، ثم على ذنبه ثم قال: «اركبا» ،

ومضى فلحقاه، وإن بكرهم لينفر بهم حتى إذا كانوا بالمصلّى في المدينة، وهم راجعون من بدر، برك عليهم فنحره خلّاد فقسم لحمه، وتصدّق به. رواه البزّار والطبراني.

وروى الإمام أحمد وابن سعد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا يوم بدر كلّ ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعليّ زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا كانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

قالا: اركب يا رسول الله حتى نمشي عنك، فيقول: «ما أنتما بأقوى مني على المشي، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما»

قال في البداية والعيون: وهذا قبل أن يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة من الرّوحاء. ثم كان زميلاه عليّا وزيدا.

وقال ابن عقبة وابن إسحاق والذهبيّ وابن القيّم: كان زميلاه مرثد بن أبي مرثد الغنويّ، وعليّا وجعلوا زيدا مع حمزة كما تقدم، وكان معهم فرسان: فرس للمقداد بن الأسود يقال له:

سبحة- بفتح السين المهملة وإسكان الموحدة وبالحاء المهملة ثم تاء تأنيث- وقيل: يقال له بعرجة- بموحدة مفتوحة فعين مهملة ساكنة فراء فجيم مفتوحتين فتاء تأنيث- والبعرجة: شدّة