رسول الله صلى الله عليه وسلم، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين، يريد القوم، فكره القوم، مسيرهم لشوكتهم.
وروى ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي أيوب قال: لمّا سرنا يوما أو يومين قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بمخرجكم» ؟ فقلنا: والله ما لنا طاقة بقتال القوم، ولكن أردنا العير، ثم قال: ما ترون في قتال القوم؟ فقلنا مثل ذلك، وذكر الحديث فانزل الله تعالى: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ [الأنفال ٥] ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران فسلك ثنايا يقال لها: الأصافر، ثم انحطّ منها إلى بلد يقال له: الدّبّة، وترك الحنّان بيمين، وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر، فركب هو وأبو بكر الصديق حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم، فقال الشيخ: لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا أخبرتنا أخبرناك» قال: أذاك بذاك؟ قال:«نعم» ، قال الشيخ: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بكذا وكذا، للمكان الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي فيه قريش، فلما فرغ من خبره قال: ممّن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نحن من ماء» ، ثم انصرفا عنه،
والشيخ يقول: ما من ماء، أمن ماء العراق؟
قال ابن هشام: ويقال ذلك الشيخ سفيان الضّمريّ.
قال ابن إسحاق: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، فلما أمسى بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء ببدر، يلتمسون الخبر له، فأصابوا راوية لقريش فيها أسلم، غلام بني الحجاج، وعريض- بفتح العين المهملة وكسر الراء ثم مثناة تحتية ساكنة ثم ضاد معجمة- كذا في النور، أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد فأتوا بهما، فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلّي، فقالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان (وأصحاب العير) فضربوهما. فلمّا أذلقوهما قالا: نحن لأبي سفيان (ونحن في العير) فتركوهما. وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلّم وقال:«إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا، والله إنّهما لقريش، أخبراني عن قريش» ؟ قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى- والكثيب:
العقنقل- فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كم القوم؟» قالا: كثير- قال: ما عدّتهم؟ قالا: لا ندري، قال: كم ينحرون كلّ يوم؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين التّسعمائة والألف، ثم قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فمن فيهم من أشراف قريش؟» قالا: