للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال ٩] فأمدّه الله تعالى بالملائكة [ (١) ] .

وروى سعيد بن منصور عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وتكاثرهم وإلى المسلمين فاستقلّهم، فركع ركعتين، وقام أبو بكر عن يمينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته: «اللهم لا تودّع مني، اللهم لا تخذلني، اللهم أنشدك ما وعدتني» [ (٢) ] .

وروى البخاري والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم» ،

فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، لقد ألححت على ربّك [ (٣) ] . فخرج وهو يثب في الدّرع وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ [القمر ٤٥، ٤٦] وأنزل الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال ٩] أي متتابعين يتبع بعضهم بعضا، وأنزل الله عز وجل: أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ [آل عمران ١٢٤] إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ، وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ [الأنفال ١٢] ، قال ابن الأنباري: وكانت الملائكة لا تعلم كيف تقتل الآدميّين فعلّمهم الله تعالى بقوله: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أي الرّؤوس وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ أي مفصل.

وروى أبو يعلى والحاكم والبيهقي عن علي رضي الله قال: بينما أنا أمتح من قليب بدر جاءت ريح شديدة ما رأيت مثلها قطّ، ثم ذهبت، ثم جاءت ريح شديدة لم أر مثلها قطّ إلا التي كانت قبلها، ثم جاءت ريح شديدة، قال: فكانت الريح الأولى جبريل صلى الله عليه وسلم، نزل في ألف من الملائكة، وكانت الريح الثانية ميكائيل نزل في ألف من الملائكة عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر عن يمينه، وكانت الثالثة إسرافيل نزل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في الميسرة، فلما هزم الله تعالى أعداءه حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه، فجمزت بي، فلما جمزت خررت على عنقها فدعوت ربّي فأمسكني، فلما استويت عليها طعنت بيدي هذه في القوم حتى خضبت هذا، وأشار إلى إبطه.


[ (١) ] أخرجه مسلم (١٣٨٤) والطبري ٩/ ١٢٧ وأحمد في المسند ١/ ٣٠ وذكره السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٧٠.
[ (٢) ] أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٨٧٢) .
[ (٣) ] تقدم.