للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ما ذكره ابن جرير رواه في تفسيره عبد بن حميد [ (١) ] وابن المنذر من طريق آخر عن وهب بن منبّه.

وروى البخاري والبيهقي عن سلمان رضي الله تعالى عنه أنه تداوله بضعة عشر رباً من ربّ إلى رب.

ونقل السهيلي عن مصنّف حماد بن سلمة [ (٢) ] رحمه الله تعالى أن الذين صحب سلمان من النصارى كانوا على الحق، على دين عيسى ابن مريم، وكانوا ثلاثين يداولونه سيداً بعد سيد.

قال الذهبي رحمه الله تعالى: وجدت الأقوال في سنّ سلمان كلها دالة على أنه جاوز المائة والخمسين، والاختلاف إنما هو في الزائد. قال: ثم رجعت عن ذلك وظهر لي أنه ما جاوز الثمانين.

قال الحافظ: لم يذكر مستنده في ذلك، وأظنه أخذه من شهود سلمان الفتوح بعد إعلامه النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجه امرأة من كندة وغير ذلك، مما يدل على بقاء بعض النشاط.

لكن إن ثبت ما ذكره يكون ذلك من خوارق العادات في حقه، وما المانع من ذلك؟.

فقد روى أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين من حديث العباس بن يزيد قال: أهل العلم يقولون: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة فأما مائتين وخمسين فلا يشكّون فيها. انتهى.

وروى ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة [ (٣) ] قال: حدثنا أشياخ شتّى قالوا: لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، كان معنا يهود، وكانوا أهل كتاب وكنا أهل وثن، وكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا: إن نبيّاً مبعوثاً الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم اتبعناه وكفروا به، ففيهم أنزل الله وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كانت يهود خيبر تقاتل يهود غطفان، فلما


[ (١) ] عبد بن حميد بن نصر الكسي، أبو محمد: من حفاظ الحديث. قيل اسمه عبد الحميد، وخفف. من كتبه «تفسير» للقرآن الكريم، و «مسند» . توفي سنة ٢٤٩ هـ. الأعلام ٣/ ٢٦٩.
[ (٢) ] حماد بن سلمة بن دينار الرّبعي أو التّميمي أو القرشي مولاهم أبو سلمة البصري أحد الأعلام. عن ثابت وسماك وسلمة بن كهيل وابن أبي مليكة وقتادة وحميد وخلق. وعنه ابن جريح وابن إسحاق شيخاه وشعبة ومالك وحبّان بن هلال والقعنبي وأمم. قال القطان: إذا رأيت الرجل يقع في حماد فاتهمه على الإسلام. وقال ابن المبارك: ما رأيت أشبه بمسالك الأول من حماد. وقال وهيب بن خالد: كان حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا. قال حماد: من طلب العلم لغير الله مكر به. توفي سنة سبع وستين ومائة. الخلاصة ١/ ٢٥٢.
[ (٣) ] عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري، أبو عمر المدني ثقة عالم بالمغازي، مات بعد العشرين ومائة، انظر التقريب ١/ ٣٨٥.