روى البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرون رجلا من الموالي، وتنفّل صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار، وقال لنبيه بن الحجّاج وكان من صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخذ سهمه مع المسلمين، وفيه جمل أبي جهل وكان مهريا.
وبالصفراء توفي عبيدة بن الحارث رضي الله عنه من مصاب رجله، فقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب ترثيه:
لقد ضمّن الصّفراء مجدا وسؤددا ... وحلما أصيلا وافر اللّبّ والعقل
عبيدة فابكيه لأضياف غربة ... وأرملة تهوي لأشعث كالجذل
وبكّيه للإبرام في كلّ شنوة ... إذا احمرّ آفاق السّماء من المحل
وبكّيه للأيتام والرّيح زفزف ... وتشبيب قدر طالما أزبدت تغلي
فإن تصبح النّيران قد مات ضوؤها ... فقد كان يذكيهنّ بالحطب الجزل
لطارق ليل أو لملتمس القرى ... ومستنبح أضحى لديه على رسل
وبها قتل النضر بن الحارث بن كلدة، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه صبرا بالسيف بالأثيل. وقالت قتيلة بنت الحارث- كذا قيل، والصواب أنها بنت النّضر لا أخته- ترثيه. وأسلمت بعد ذلك. نقله أبو عمر وأبو الفتح في منهج المدح، ولم يستحضر ذلك الحافظ فقال في الإصابة: لم أر التصريح بإسلامها، لكن إن كانت عاشت إلى الفتح فهي من جملة الصحابيات:
يا راكبا إنّ الأثيل مظنّة ... من صبح خامسة وأنت موفّق
أبلغ بها ميتا بأنّ تحيّة ... ما إن تزال بها الرّكائب تخفق
منّي إليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها وأخرى تخنق
هل يسمعنّي النّضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميّت لا ينطق
أمحمّد يا خير ضنء كريمة ... في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرّك لو مننت وربّما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
أو كنت قابل فدية فلينفقن ... بأعزّ ما يغلو به ما ينفق
فالنّضر أقرب من وصلت قرابة ... وأحقّهم إن كان عتق يعتق
ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقّق
صبرا يقاد إلى المنيّة متعبا ... رسف المقيّد وهو عان موثق
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى اخضلّت لحيته، وقال: «لو بلغني شعرها قبل أن أقتله ما قتلته» .