الذي أسره مالك بن الدخشم أحد [بني نبهان] بن عوف فقال: مالك:
أسرت سهيلا فلم أبتغ ب ... هـ غيره من جميع الأمم
وخندف تعلم أنّ الفتى ... سهيلا فتاها إذا يظلم
ضربت بذي الشّفر حتّى انثنى ... وأكرهت نفسي على ذي العلم
وكان سهيل أعلم من شفته السّفلى، فلما قاولهم فيه مكرز وانتهى إلى رضاهم قالوا:
هات الذي لنا، قال: اجعلوا رجلي مكان رجله وخلّوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائكم، فخلّوا سبيل سهيل، وحبسوا مكرزا، وكان سهيل قد قام في قريش خطيبا عند ما استنفرهم أبو سفيان للعير كما تقدم،
فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أنزع ثنيّتي سهيل بن عمرو يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيّا، وإنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمّه» .
وكان عمرو بن أبي سفيان بن حرب أسيرا في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسرى بدر، أسره علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقيل لأبي سفيان: افد عمرا ابنك، قال: أيجمع عليّ دمي ومالي، قتلوا حنظلة وأفدي عمرا، دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم. فبينا هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج سعد بن النعمان بن أكّال أخو بني عمرو بن عوف، ثم أحد بني معاوية معتمرا ومعه مريّة له، وكان شيخا مسلما في غنم له بالنّقيع، فخرج من هناك معتمرا ولا يخشى الذي صنع به، لم يظن أنه يحبس بمكة، إنما جاء معتمرا، وقد كان عهد أن قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا أو معتمرا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة، فحبسه بابنه عمرو، ثم قال أبو سفيان:
أرهط ابن أكّال أجيبوا دعاءه ... تعاقدتم لا تسلموا السّيّد الكهلا
فإنّ بني عمرو لئام أذلّة ... لئن لم يفكّوا عن أسيرهم الكبلا
فأجابه حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
لو كان سعد يوم مكّة مطلقا ... لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا
بعضب حسام أو بصفراء نبعة ... تحنّ إذا ما أنبضت تحفز النّبلا
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروا خبره، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان، فيفكّوا به صاحبهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلّى سبيل سعد.
وكان في الأسارى أبو العاص بن الربيع ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته زينب، أسره