عليها من مجمع الزوائد للهيثميّ: سبعة عشر، وأورده في الفتح بلفظ «ثلاثة عشر» فيحرّر.
وروى البخاريّ، وإسحاق بن راهويه، عن البراء، رضي الله عنه، قال: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر فكان المهاجرون يوم بدر نيّفا على الستّين، والأنصار نيّفا وأربعين ومائتين.
ووقع عند الحاكم من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء أن المهاجرين كانوا نيّفا وثمانين، قال الحافظ: وهذا خطأ في هذه الرواية، لإطباق أصحاب شعبة على ما وقع في البخاريّ. ووقع عند يعقوب بن سفيان من مرسل عبيدة السلمانيّ أن الأنصار كانوا مائتين وسبعين، وليس ذلك بثابت. وروى سعيد بن منصور من مرسل أبي اليمان عامر الهوزنّي، والطبراني، والبيهقي من وجه آخر عنه، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقال لأصحابه: «تعادّوا فوجدهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا» ثم قال لهم: «تعادّوا»
فتعادوا مرتين، فأقبل رجل على بكر له ضعيف وهم يتعادّون، فتمّت العدة ثلاثمائة وخمسة عشر [ (١) ] .
وروى أبو داود، والبيهقي، بإسناد حسن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ومعه ثلاثمائة وخمسة عشر، وهذه الرواية لا تنافي رواية ثلاثة عشر، لاحتمال أن تكون الأولى لم يعدّ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الرجل الذي أتى آخرا. وأما الرواية التي فيها: «تسعة عشر» فتحمل على أنه ضمّ إليه من استصغر ولم يؤذن له في القتال يومئذ، كالبراء وابن عمر وكذلك أنس، فقد روى الإمام أحمد بسند صحيح عنه أنه سئل:
هل شهدت بدرا؟ فقال: وأين أغيب عن بدر؟! وكأنه كان حينئذ في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت عنه أنه خدمه عشر سنين، وذلك يقتضي أنه ابتدأ خدمته له حين قدم المدينة، فكأنه خرج معه إلى بدر، أو خرج مع عمه زوج أمه أبي طلحة. وفي الصحيح عن موسى بن عقبة عن الزهري قال: فجميع من شهد بدرا من قريش ممّن ضرب له بسهمه أحد وثمانون.
قال الحافظ: والجمع بين هذا وبين قول البراء أنّ حديث البراء ورد فيمن شهدها حسّا.
وقول الزّهريّ فيمن شهدها بالعدد حسّا وحكما ممّن ضرب له بسهم وأجره، أو المراد بالعدد الأول الأحرار، وبالثاني بانضمام مواليهم وأتباعهم.
قال الحافظ: وإذا تحرر هذا الجمع فيعلم أن الجميع لم يشهدوا القتال، وإنما شهده منهم ثلاثمائة وخمسة أو ستّة.
روى ابن جرير، عن ابن عباس قال: إن أهل بدر كانوا ثلاثمائة وستّة رجال، وقد بيّن ذلك ابن سعد فقال: إنهم كانوا ثلاثمائة وخمسة، فكأنه لم يعدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيّن وجه
[ (١) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٣٩٥٥) .