قلت: رواه ابن سعد وابن قانع. انتهى.
وفي رواية ابن وهب: فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، كنت نهيتنا عن التّطيّر،
فقال صلى الله عليه وسلم: «ما تطيّرت، ولكن آثرت الاسم الحسن» ،
أو كما قال صلى الله عليه وسلم [ (١) ] .
الرابع: وقع في صحيح مسلم عن أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة رضي الله عنهم فقال: إيّانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا، وذكر الحديث.
قال في العيون: وهذا القول إنما يعرف عن سعد بن معاذ، كذلك رواه ابن عقبة وابن إسحاق وابن سعد وابن عائذ وغيرهم، والصحيح أن سعد بن عبادة لم يشهد بدرا، فإن سعدا كان متهيّئا للخروج فنهش قبل أن يخرج فأقام.
وذكر الحافظ في الفتح نحوه، ثم قال: ويمكن الجمع بأن النبي صلّى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين: الأولى: وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان، وذلك بيّن في رواية مسلم، والثانية: بعد أن خرج كما في حديث ابن مسعود في الصحيح، وحينئذ قال سعد بن معاذ ما قال.
ووقع عند الطبرانيّ أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية وهذا أولى بالصواب، ولهذا مزيد بيان يأتي.
الخامس: قال السّهيليّ: معنى يضحك الرّبّ أي يرضيه غاية الرّضا، وحقيقته أنه رضا معه تبشير وإظهار كرامة، وذلك أن الضّحك مضادّ للغضب، وقد يغضب السّيّد ولكنه يعفو ويبقى العتب، فإذا رضي فذلك أكثر من العفو، فإذا ضحك فذلك غاية الرّضا، إذ قد يرضى ولا يظهر ما في نفسه من الرّضا، فيعبّر عن الرّضا وإظهاره بالضّحك في حق الرب تبارك وتعالى مجازا وبلاغة وتضمينا في هذه المعاني في لفظ وجيز، ولذلك
قال صلى الله عليه وسلم في طلحة بن البراء:
«اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه» .
فمعنى هذه: القه لقاء متحابّين مظهرين لما في أنفسهما من رضا ومحبّة، فإذا قيل: ضحك الربّ إلى فلان فهي كلمة وجيزة، تتضمنّ رضا مع محبة وإظهار بشر وكرامة لا مزيد عليها، فهي من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلّم.
وقال في المطالع: هذا وأمثاله من الأحاديث، طريقها الإيمان بها من غير كيف ولا تأويل
[ (١) ] ذكره الهيثمي مختصرا ٨/ ٥٠ وعزاه للطبراني بإسناد حسن.