غيلة وأمره أن يقتله، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء في ذلك اليوم، في يوم حارّ، فدخل مسجد قباء، فصلّى فيه، وسمعت به الأنصار فجاءت تسلّم عليه، وأنكروا إتيانه في تلك الساعة. وفي ذلك اليوم، حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورّسة- وقال ابن هشام في ثوبين مضرّجين وفي لفظ: مصرّين- فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا عويم ابن ساعدة فقال: قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذّر بن ذيّاد، فإنه قتله غيلة، فقال الحارث: قد والله قتلته، وما كان قتلي إيّاه رجوعا عن الإسلام ولا ارتيابا فيه، ولكنه حميّة من الشيطان، وأمر وكلت فيه إلى نفسي، وإن أتوب إلى الله ورسوله مما عملت، وأخرج ديته، وأصوم شهرين متابعين، وأعتق رقبة. قال: قدّمه يا عويم فاضرب عنقه، فقدّمه فضرب عنقه، فقال حسان بن ثابت:
يا حار في سنة من نوم أوّلكم ... أم كنت ويحك مغترّا بجبريل؟!
أم كنت بابن ذياد حين تقتله ... بغرّة في فضاء الأرض مجهول؟!
قلت: وذكر ابن هشام: أن عثمان بن عفان هو الذي ضرب عنقه، ثم قال: ويقال بعض الأنصار.
وذكر ابن إسحاق في قصة قتله ما يخالف بعض ما ذكر، وجزم العدويّ، وابن الكلبيّ، والقاسم بن سلّام، بأن القصة وقعت لأخيه جلاس بضم الجيم، والمشهور أن صاحب القصّة الحارث.
ومنها: قوله في مالك، وهو والد أبي سعيد الخدري: من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا. فاستشهد. رواه البيهقي عن عمر بن السّائب بلاغا.
ومنها: إجابة دعائه في موت عتبة بن أبي وقّاص ألّا يحول عليه الحول كذلك، كما تقدم.
ومنها: أنه لم يولد لعتبة ولد، كما تقدم.
ومنها: إجابة دعائه في تثبيت عمّته صفيّة، كما تقدم في القصّة.
ومنها: عدم استطاعة هند أكل شيء من كبد حمزة.
قال ابن سعد: أخبرنا هوذة بن خليفة، حدثنا عوف بن محمد قال: بلغني أن هندا بنت عتبة بن ربيعة جاءت يوم أحد، وكانت نذرت لئن قدرت على حمزة لتأكلنّ من كبده، فجاءوا بجزّة من كبد حمزة أخذتها تمضغها لتأكلها، فلم تستطع أن تبتلعها فلفظتها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فقال: إن الله تعالى حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا.
ومنها: أن رجلا قال: اللهم إن كان محمد على الحق فاخسف به، يعني نفسه، فخسف به، كما رواه البزار بسند حسن، عن بريدة.