وحمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وخرج المسلمون بتجارات لهم إلى بدر فربحت ربحا كثيرا.
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: ربحت للدّينار دينارا.
فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة، وقام السّوق صبيحة الهلال، فأقاموا ثمانية أيام، والسوق قائمة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده.
فأتاه مخشيّ بن عمرو الضّمريّ، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر أهل الموسم، فقال: يا محمد، لقد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد، فما أعلمكم إلا أهل الموسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإن شئت مع ذلك رددنا ما كان بيننا وبينك، فقال: لا والله ما لنا بذلك من حاجة، بل نكفّ أيدينا عنكم، ونتمسّك بحلفك.
وقال أبو سفيان لقريش: قد بعثنا نعيم بن مسعود لأن يخذّل أصحاب محمد عن الخروج، وهو جاهد، ولكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نرجع، فإن كان محمد لم يخرج بلغه أنّا خرجنا فرجعنا، لأنه لم يخرج، فيكون هذا لنا عليه، وإن كان خرج أظهرنا أن هذا عام جدب، ولا يصلحنا إلا عام عشب. قالوا: نعم ما رأيت. فخرج في قريش وهم ألفان ومعهم خمسون فرسا، حتى انتهوا إلى مجنّة من ناحية الظّهران، ثم قال: ارجعوا لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق، نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا، فسمّى أهل مكة ذلك الجيش «جيش السّويق» ، ويقولون: خرجوا يشربون السّويق.
وانطلق معبد بن أبي معبد الخزاعيّ سريعا، بعد انقضاء الموسم إلى مكة، فأخبر بكثرة المسلمين، وأنهم أهل ذلك الموسم، وأنهم ألفان، وأخبر بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للضّمريّ، فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان: قد والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم، وقد اجترأوا علينا، ورأوا أنّا قد أخلفناهم، وإنما خلّفنا الضّعف عنهم، وأخذوا في الكيد والنّفقة في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستجلبوا من حولهم من العرب، وجمعوا الأموال وضربوا البعث على أهل مكة، فلم يترك أحد منهم إلا أن يأتي بمال، ولم يقبل من أحد منهم أقلّ من أوقيّة لغزو الخندق.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.