للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعد بن عبادة، ويقال: أسيد بن حضير، وبه جزم ابن إسحاق. وقال محمد بن عمر: إنه الثّبت،

فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. قال: يا رسول الله قد رحلت في ساعة منكرة لم تكن ترحل فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أولم يبلغك ما قال صاحبكم؟» قال: أيّ صاحب يا رسول الله؟ قال:

ابن أبي، زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل، قال: فأنت يا رسول الله تخرجه إن شئت، فهو الأذلّ وأنت الأعزّ، والعزّة لله ولك وللمؤمنين.

ثم قال: يا رسول الله: ارفق به، فو الله لقد جاء الله تعالى بك وإنّ قومه لينظمون له الخرز فما بقيت عليهم إلا خرزة واحدة عند يوشع اليهوديّ، قد أرب بهم فيها لمعرفته بحاجتهم إليها، فجاء الله تعالى بك على هذا الحديث، فلا يرى إلا أن قد سلبته ملكه.

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبيّ [ (١) ] مقالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، إن كنت تريد أن تقتل أبي فيما بلغك عنه فمرني به، فو الله لأحملنّ إليك رأسه قبل أن تقوم من مجلسك هذا، والله لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبرّ بوالديه منّي، وما أكل طعاما منذ كذا وكذا من الدهر ولا شرب شرابا إلا بيدي، وإني لأخشى يا رسول الله أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله فأدخل النار. وعفوك أفضل، ومنّك أعظم» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله ما أردت قتله ولا أمرت به، ولنحسننّ له صحبته ما كان بين أظهرنا»

فقال عبد الله: «يا رسول الله، إن أبي كانت أهل هذه البحيرة قد اتّسقوا عليه ليتوّجوه عليهم، فجاء الله تعالى بك، فوضعه الله ورفعنا بك، ومعه قوم يطوفون به يذكّرونه أمورا قد غلب الله تعالى عليها.

ثم متن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشّمس، ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض، فوقعوا نياما، ولم ينزل أحد عن رحلته إلا لحاجة أو لصلاة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحثّ راحلته ويخلفها بالسّوط في مراقّها، وإنما فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس، من حديث عبد الله بن أبي.

ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النّقيع- بالنون- ويقال نقعاء- بالنون المفتوحة والقاف الساكنة والمدّ.


[ (١) ] (عبد الله) بن عبد الله بن أبي بن مالك بن الحر بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي ... وهو ابن أبي ابن سلول وكانت سلول امرأة من خزاعة وكان أبوه رأس المنافقين وكان اسم هذا الحباب بضم المهملة والموحدتين وبه يكنى أبوه فسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله وشهد عبد الله هذا بدرا وأحدا والمشاهد قال ابن أبي حاتم صحبة وذكره ابن شهاب وعروة. [الإصابة ٤/ ٩٥، ٩٦] .