بيت وضع ثم تناسخت القرون حتى حجّة نوح، ثم تناسخت القرون، حتى رفع إبراهيم القواعد من البيت» [ (١) ] .
ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير والطبراني موقوفا. وزادوا: زعم الناس أن آدم بناه من خمسة أجبل من حراء ولبنان وطور زيتا وطور سيناء والجودي.
وروى الأزرقي وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته فطأطأ الله عز وجل منه إلى ستين ذراعاً فقال: يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا أحسّهم؟ قال: خطيئتك يا آدم، ولكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به واذكرني حوله كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي. فأقبل آدم يتخطّى فطويت له الأرض وقبض الله تعالى له المفازة فصارت كل مفازة يمرّ بها خطوة وقبض الله تعالى ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمراناً وبركة، حتى انتهى إلي مكة فبنى البيت الحرام وإن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أسّ ثابت على الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلاً، وإنه بناه من خمسة أجبل: من لبنان، وطور زيتا، وطور سيناء، والجودي، وحراء، حتى استوى على وجه الأرض، فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم صلى الله عليه وسلّم حتى بعث الله تعالى الطوفان وكان غضباً. ورجساً فحيثما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم صلى الله عليه وسلّم ولم يقرب الطوفان أرضي السند والهند، فدرس موضع البيت في الطوفان حتى بعث الله تعالى إبراهيم وإسماعيل فرفعا قواعده وأعلامه.
الفلك: قيل موج البحر المضطرب وقيل أراد فلكة المغزل حال دورانها.
وروى الأزرقي عن عبد الله بن أبي زياد رحمه الله تعالى قال: لما أهبط الله تعالى آدم من الجنة قال: يا آدم ابن لي بيتا بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبّد فيه أنت وولدك كما تتعبد ملائكتي حول عرشي، فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض السابعة، فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض، وهبط آدم بياقوتة حمراء مجوّفة لها أربعة أركان بيض. فوضعها على الأساس، فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله تعالى.
[ (١) ] ذكره السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٢٩ وعزاه للبيهقي في الدلائل وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٢٩٩ والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٤٧١٨.