للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطعنة ذات رشاش واهيه ... طعنتها تحت صدور العادية

قال محمد بن عمر: حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن مروان عن أبيه قال: حدثني أربعة عشر رجلا ممّن أسلم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه ناجية بن الأعجم، يقول: دعاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين شكي إليه قلّة الماء فأخرج سهما من كنانته، ودفعه إليّ، ودعا بدلو من ماء البئر فجئته به، فتوضأ فمضمض فاه، ثم مج في الدّلو- والنّاس في حر شديد- وإنما هي بئر واحدة قد سبق المشركون إلى بلدح فغلبوا على مياهه فقال: «انزل بالدّلو فصبّها في البئر وأثر ماءها بالسّهم» ففعلت،

فو الذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى يغمرني وفارت كما تفور القدر، حتى طمّت واستوت بشفيرها، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم. وعلى الماء يومئذ نفر من المنافقين، منهم عبد الله بن أبيّ، فقال أوس بن خولي: ويحك يا أبا الحباب!! أما إن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء؟ فقال: إني قد رأيت مثل هذا. فقال أوس:

قبّحك الله وقبح رأيك فأقبل ابن أبي يريد رسول الله- صلى الله عليه وسلم

فقال «يا أبا الحباب: أنّى رأيت مثلما رأيت اليوم» ؟ فقال: ما رأيت مثله قط. قال: «فلم قلته» ؟ فقال ابن أبي: يا رسول الله استغفر لي،

فقال ابنة عبد الله بن عبد الله- رضي الله عنه- يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له [ (١) ] .

وروى ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: أنا نزلت بالسّهم. والله أعلم.

قصة أخرى: روى الإمام أحمد، والبخاري، والطبراني، والحاكم في الإكليل، وأبو نعيم عن البراء بن عازب، ومسلم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم عن ابن عباس، والبيهقي عن عروة، قال البراء: كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بالحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية: بئر فقدمناها وعليها خمسون شاة ما ترويها فتبرضها فلم نترك فيها قطرة، قال ابن عباس: وكان الحرّ شديدا، فشكا النّاس العطش، فبلغ ذلك النبي- عليه الصلاة والسلام- فأتاه فجلس على شفيرها، ثم دعا «بإناء» وفي لفظ «بدلو» فتوضأ في الدلو، ثم مضمض ودعا، ثم صبّه فيها، فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا. قال البراء: ولقد رأيت آخرنا أخرج بثوب خشية الغرق حتى جرت نهرا [ (٢) ] .

وقال ابن عباس وعروة ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفيرها.


[ (١) ] انظر تفسير الطبري ٦/ ١٧٧ وابن كثير ٣/ ١٢٥.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٧/ ٥٠٥ (٤١٥٠) .